للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْفِيذِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ، وَالْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ الْمُدَّعِي أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا قَضَى لَهُ بِهَا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ أَوْ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا أَمَتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ، وَلَا يَنْقُضُ الْقَاضِي الثَّانِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الْوِلَادَةِ فِي مِلْكِهِ أَوْلَى فَيَقْضِي بِهَا لَهُ.

وَجْهُ قَوْلِهِ إنَّ ذَا الْيَدِ لَوْ أَقَامَ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ نَقَضَ الْأَوَّلُ قَضَاءَهُ، وَقَضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ فَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَهَا عِنْدَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ قَضَاءِ الْأَوَّلِ عِنْدَ الثَّانِي بِالْبَيِّنَةِ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ مُبَاشَرَتِهِ الْقَضَاءَ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمَّا بَيَّنُوا سَبَبَ الْعَقَارِ إلَى احْتِمَالِ التَّمَلُّكِ عَلَى الْيَدِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ.

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ نَفَذَ بِيَقِينٍ فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يُبْطِلَهُ مَعَ الِاحْتِمَالِ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَبَيَانُ الِاحْتِمَالِ هُنَا إذَا قَالُوا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ، وَلَكِنَّهُمْ تَرَكُوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِلتَّلَبُّسِ عَلَى الْقَاضِي بِأَنْ قَالُوا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ ذِي الْيَدِ كَانَ أَقَامَ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي فَتَتَرَجَّحُ شَهَادَةُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، وَقَضَى بِهَا لَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ قَضَاءً نَافِذًا لَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِهَذَا لَا يَنْقُضُ الثَّانِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَمِثْلُ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَا يُوجَدُ إذَا أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْوِلَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَا فِيهَا خَارِجَانِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ قَضَى لَهُ بِهَا قَاضِي بَلَدِ كَذَا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا لَهُ عَلَى هَذَا، وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْضِي بِهَا لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي بِهَا لِصَاحِبِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ مَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَجُوزُ نَقْضُ الْقَضَاءِ كَمَا بَيَّنَّا

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ وَوَقَّتُوا وَقْتًا فَكَانَ الْعَبْدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَصْغَرَ مَعْرُوفٌ فَشَهَادَةُ الشُّهُودِ بَاطِلَةٌ؛ لِتَيَقُّنِ الْقَاضِي بِمُجَازَفَتِهِمْ فِيهَا، وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الْقَضَاءِ نِصْفَانِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةٌ أَنَّهُ فِي أَحَدِ الْفَصْلَيْنِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ فَالْجَوَابُ بُطْلَانُ الشَّهَادَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْوِلَادَةِ وَالنَّسَبِ]

(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْوِلَادَةِ، وَالنَّسَبِ) (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَبْدٌ صَغِيرٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ عَبْدُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ)؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>