للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ لَكَانَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ الثَّوْبَ بِعَيْنِهِ وَثَوْبًا آخَرَ فَالثَّوْبُ الْآخَرُ يَكُونُ فَضْلًا خَالِيًا عَنْ الْعِوَضِ مُسْتَحَقًّا بِالْبَيْعِ وَهُوَ الرِّبَا بِعَيْنِهِ

قَالَ: (وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ كَيْلًا مَعْلُومًا وَأَجَلًا مَعْلُومًا وَضَرْبًا مِنْ الطَّعَامِ وَسَطًا أَوْ رَدِيًّا أَوْ جَيِّدًا وَاشْتَرَطَ الْمَكَانَ الَّذِي يُوَفِّيهِ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ) قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (اعْلَمْ بِأَنَّ السَّلَمَ أَخْذُ عَاجِلٍ بِآجِلٍ وَهُوَ نَوْعُ بَيْعٍ لِمُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ اُخْتُصَّ بِاسْمٍ) لِاخْتِصَاصِهِ بِحُكْمٍ يَدُلُّ الِاسْمُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَعْجِيلُ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ وَتَأْخِيرُ الْآخَرِ كَالصَّرْفِ وَقِيلَ السَّلَمُ وَالسَّلَفُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا الْعَقْدُ بِهِ لِكَوْنِهِ مُعَجَّلًا عَلَى وَقْتِهِ فَإِنَّ أَوَانَ الْبَيْعِ مَا بَعْدَ وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِ الْعَاقِدِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ السَّلَمُ فِي الْعَادَةِ فِيمَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي مِلْكِهِ فَلِكَوْنِ الْعَقْدِ مُعَجَّلًا عَلَى وَقْتِهِ سُمِّيَ سَلَمًا وَسَلَفًا وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ وَبَيْعُ مَا هُوَ مَوْجُودٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْعَاقِدِ بَاطِلٌ فَبَيْعُ الْمَعْدُومِ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: - تَعَالَى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَمَ الْمُؤَجَّلَ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - أُنْزِلَ فِيهِ أَطْوَلُ آيَةٍ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَالسُّنَّةُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ» فَفِي هَذَا دَلِيلُ أَنَّهُ جَوَّزَهُ لِلْحَاجَةِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُعَجِّزِ لَهُ عَنْ التَّسْلِيمِ وَهُوَ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي مِلْكِهِ وَلَكِنْ بِطَرِيقِ إقَامَةِ الْأَجَلِ مُقَامَ الْوُجُودِ فِي مِلْكِهِ رُخْصَةً؛ لِأَنَّ بِالْوُجُودِ فِي مِلْكِهِ يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَبِالْأَجَلِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ إمَّا بِالتَّكَسُّبِ فِي الْمُدَّةِ أَوْ مَجِيءِ أَوَانِ الْحَصَادِ فِي الطَّعَامِ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسَلِّفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فَقَالَ: - صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» فَقَدْ قَرَّرَهُمْ عَلَى أَصْلِ الْعَقْدِ

[شَرَائِط السَّلَم]

وَبَيَّنَ شَرَائِطَهُ فَذَلِكَ دَلِيلُ جَوَازِ الْعَقْدِ ثُمَّ الشَّرَائِطُ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهَا فِي السَّلَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَبْعَةٌ (إعْلَامُ) الْجِنْسِ فِي الْمُسْلَمَ فِيهِ (وَإِعْلَامُ النَّوْعِ) (وَإِعْلَامُ الْقَدْرِ) وَ (إعْلَامُ الصِّفَةِ) وَ (إعْلَامُ الْأَجَلِ) وَ (إعْلَامُ الْمَكَانِ) الَّذِي يُوَفِّيهِ فِيهِ فِيمَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَإِعْلَامُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى قَدْرِهِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الشَّرَائِطِ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِإِعْلَامِ الْقَدْرِ بِأَنَّ تَرْكَ إعْلَامِهِ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْبَائِعَ عَنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَنْ أَنَّ كُلَّ جَهَالَةٍ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ الْمَانِعَةِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ يَجِبُ إزَالَتُهَا بِالْإِعْلَامِ وَجَهَالَةُ الْجِنْسِ تُفْضِي إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>