يَصِيرُ مِيرَاثًا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ تُقَدَّمُ الْوَصِيَّةُ فِي مَحِلِّهَا عَلَى الْمِيرَاثِ وَمَحِلُّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ» فَفِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ تُقَدَّمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمِيرَاثِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ أَيْضًا.
فَأَمَّا مَا زَادَ عَنْ الثُّلُثِ لَا يَظْهَرُ فِيهِ تَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ فِيهِ يَمْنَعُ الْوَصِيَّةَ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَارِثُ وَبَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يُقْسَمُ الْمِيرَاثُ فَنَقُولُ الْأَسْبَابُ الَّتِي بِهَا يُتَوَارَثُ ثَلَاثَةٌ الرَّحِمُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ وَالْوَلَاءُ نَوْعَانِ وَلَاءُ نِعْمَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبَبُ الْإِرْثِ عِنْدَنَا عَلَى تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَالْأَسْبَابُ الَّتِي بِهَا يَحْرُمُ الْمِيرَاثُ ثَلَاثَةٌ الرِّقُّ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَمُبَاشَرَةُ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي حَقِّ مَنْ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ التَّقْصِيرُ شَرْعًا وَالْوَارِثُونَ أَصْنَافٌ ثَلَاثَةٌ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ وَالْعَصَبَاتُ وَذَوُو الْأَرْحَامِ وَأَصْحَابُ الْفَرَائِضِ هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ سِهَامٌ مُقَدَّرَةٌ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ وَالْعَصَبَاتُ أَصْنَافٌ ثَلَاثَةٌ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ فَالْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ الذَّكَرُ الَّذِي لَا يُفَارِقُهُ الذُّكُورُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ وَالْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ الْأُنْثَى الَّتِي تَصِيرُ عَصَبَةً بِمَنْ فِي دَرَجَتِهَا مِنْ الذَّكَرِ كَالْبَنَاتِ بِالْبَنِينَ وَالْأَخَوَاتِ بِالْإِخْوَةِ وَالْعَصَبَةُ مَعَ غَيْرِهِ كَالْأَخَوَاتِ يَصِرْنَ عَصَبَةً مَعَ الْبَنَاتِ وَفَرْقُ فِيمَا بَيْنَ الْعَصَبَةِ بِغَيْرِهِ وَالْعَصَبَةِ مَعَ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَصَبَةً بِغَيْرِهِ إلَّا، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً وَالْعَصَبَةُ مَعَ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً فِي نَفْسِهِ كَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ فَالْبِنْتُ لَيْسَتْ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا وَالْأُخْتُ تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَهَا وَذَوُو الْأَرْحَامِ مَا عَدَا هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ مِنْ الْقَرَابَةِ، ثُمَّ أَقْوَى أَسْبَابِ الْأُرَثِ الْعُصُوبَةُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِهَا جَمِيعُ الْمَالِ وَلَا يُسْتَحَقُّ بِالْفَرِيضَةِ جَمِيعُ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةُ فِي كَوْنِهَا سَبَبًا لِلْإِرْثِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّحِمِ فَكَانَتْ الْعُصُوبَةُ أَقْوَى الْأَسْبَابِ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَدَأَ الْكِتَابَ بِبَيَانِ مِيرَاثِ الْآبَاءِ، وَقَدْ اسْتَحْسَنَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الْبُدَاءَةَ بِبَيَانِ مِيرَاثِ الْأَوْلَادِ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١]، وَلِأَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ فِي الْعُصُوبَةِ عَلَى الْأَبِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَقْوَى الْأَسْبَابِ الْعُصُوبَةُ فَقَدَّمْنَا بَيَانَ مِيرَاثِ الْأَوْلَادِ لِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. .
[بَابُ الْأَوْلَادِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) اعْلَمْ أَنَّ الِابْنَ الْوَاحِدَ يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمَالِ ثَبَتَ ذَلِكَ بِإِشَارَةِ النَّصِّ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١]، ثُمَّ جَعَلَ لِلْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ النِّصْفَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute