للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَأَجْعَلُ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ عَلَى حِدَةٍ وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ كَسْبٍ يُقْضَى بِهِ دَيْنُهُ وَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَيْنِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ التِّجَارَةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَكُونُ نِصْفُهُ لِلَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فِي نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مِنْ الرَّقَبَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْكَسْبِ الَّذِي لَا يَعْتَمِدُ فِي حُصُولِهِ عَلَى الْإِذْنِ كَالْمَوْهُوبِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مَا اكْتَسَبَهُ بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ فَإِنَّ سَبَبَ حُصُولِ ذَلِكَ الْكَسْبِ تِجَارَةٌ وَالْإِقْرَارُ مِنْ التِّجَارَةِ وَالدَّيْنُ الْوَاجِبُ بِسَبَبٍ هُوَ تِجَارَةٌ يَظْهَرُ فِي الْكَسْبِ الْحَاصِلِ بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ، وَإِذَا ظَهَرَ فِيهِ لَا يُسَلَّمُ شَيْءٌ مِنْهُ لِلَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ دَيْنِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مُعَايَنٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ إقْرَارِ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْإِقْرَارَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ وَإِجْرَاؤُهُ عَلَى الْعُمُومِ مُمْكِنٌ لِجَوَازِ أَنْ يَنْفِيَ حُقُوقَهُ عَنْ فُلَانٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِمُوجَبِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ مِنْ الْمُقِرِّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ جَمِيعُ مَا فِي يَدِي لِفُلَانٍ فَإِنَّ الْعَمَلَ بِمُوجَبِ ذَلِكَ الْكَلَامِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا بِبَيَانِ الْمُقِرِّ وَلَا يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ الْكَلَامَ هُنَاكَ عَلَى الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ فِي يَدِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلِهَذَا وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى بَيَانِهِ هُنَاكَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي هَذَا اللَّفْظِ كُلُّ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَكُلُّ كَفَالَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ حَدٍّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَبَقَ فَكُلُّ هَذَا حَقٌّ مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَالٍ، وَإِنْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا تَدْخُلُ الْأَمَانَةُ فِي هَذَا اللَّفْظِ كَالْوَدِيعَةِ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ خَاصٌّ لِمَا هُوَ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْأَمَانَةُ إذْ لَا وُجُوبَ فِي ذِمَّةِ الْأَمِينِ.

وَإِنْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عِنْدَهُ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي هَذَا اللَّفْظِ الْأَمَانَةُ خَاصَّةً، فَأَمَّا الْغُصُوبُ وَالْوَدَائِعُ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا فَقَدْ صَارَ ضَمَانُهَا مُسْتَحَقًّا فِي ذِمَّتِهِ بِمَنْزِلَةِ الدُّيُونِ فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا اللَّفْظِ.

وَإِنْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي قِبَلَهُ بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ وَالْغُصُوبِ جَمِيعًا، وَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ بَعْدَ ذَلِكَ حَقًّا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ شُهُودُهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَوْ يُوَقِّتُوا وَقْتًا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ اسْتَفَادَ الْبَرَاءَةَ عَلَى الْعُمُومِ وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّعْوَى إلَّا أَنْ يَعْلَمَ خُرُوجَ مَا ادَّعَاهُ الْعَامَّةُ فَإِنَّ الْعَمَلَ بِالْعَامِّ وَاجِبٌ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>