أَقَرَّا بِالرُّجُوعِ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِذَلِكَ كُلِّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ لِلْمَرْأَةِ هُمَا الشَّاهِدَانِ عَلَى نَسَبِ الِابْنِ الْأَوَّلِ وَالِابْنِ الْآخَرِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ كُلِّهَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ مُخْتَلِفٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ اتِّحَادِ الْمَشْهُودِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ وَسَوَاءٌ رَجَعُوا مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقِينَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّهَادَةِ كَانَ مُخْتَلِفًا بَعْضُهَا قَبْلَ بَعْضٍ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الرُّجُوعِ بِاعْتِبَارِ الشَّهَادَةِ السَّابِقَةِ.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَعًا وَبَعْضُهُمْ لَا يُصَدِّقُ بَعْضًا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا ثَمَنَ الْمَرْأَةِ وَقِيمَتَهَا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَى الِاثْنَيْنِ فَلَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِذَلِكَ لَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَحَقًّا لِلِاثْنَيْنِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَيَضْمَنَانِ مِنْ قِيمَةِ كُلِّ ابْنٍ لِصَاحِبِهِ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِكُلِّ شَيْءٍ شَاهِدَانِ آخَرَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا بَيَّنَّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابٌ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا]
(بَابٌ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلٌ لَهُ جَارِيَتَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ لِأَحَدِ الِابْنَيْنِ أَنَّ الرَّجُلَ أَعَادَهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ وَشَهِدَ آخَرَانِ لِلْوَلَدِ الْآخَرِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَقَضَى الْقَاضِي بِأَيِّهِمَا أَتَيَاهُ وَجَعَلَ الْأَمَتَيْنِ كَالْوَلَدِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَالْوَلَدُ حَيٌّ ضَمِنَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ مِنْهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ الَّذِي شَهِدُوا لَهُ وَبَيْنَ قِيمَتِهَا أَمَةً إلَى قِيمَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَدْرَ بِشَهَادَتِهِمَا فَالثَّابِتُ فِي شَهَادَتِهِمَا فِي حَيَاتِهِ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَنُقْصَانُ الِاسْتِيلَاءِ فِي الْأُمِّ فَإِذَا غَرِمَا ذَلِكَ وَاسْتَهْلَكَهُ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ يَجْحَدُ صَاحِبَهُ ضَمِنَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ لِلْوَلَدِ الْآخَرِ نِصْفَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي شَهِدُوا لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مِيرَاثٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَانِ وَالِابْنُ الْمَشْهُودُ لَهُ يُصَدِّقُهَا فِي الشَّهَادَةِ وَيُكَذِّبُهُمَا فِي الرُّجُوعِ فَسَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَبْقَى عَلَى كُلِّ فَرِيقٍ حِصَّةُ الِابْنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعِي لِذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَيَرْجِعُ شَاهِدَا كُلِّ وَلَدٍ فِي الْمِيرَاثِ الَّذِي وَرِثَهُ الْوَلَدُ الَّذِي شَهِدَا لَهُ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَ مِنْهُمَا الْوَالِدُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ يُقِرُّ أَنَّ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُمَا عَلَى الْأَبِ وَأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْهُمَا بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّهُمَا صَادِقَانِ فِي الشَّهَادَةِ وَأَحَدُ الْوَارِثَيْنِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِهِ وَلَا يَرْجِعَانِ فِي نَصِيبِهِ بِمَا ضَمِنَهُمَا أَخُوهُ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَكَانَا ضَامِنَيْنِ جَمِيعَ ذَلِكَ لَهُ
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute