للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ الْمُنْكِرُ لِلشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِإِقْرَارِهِمَا أَنَّ هَذَا رِبْحٌ، وَأَنَّ الْمُقِرَّ بِالشَّرِكَةِ أَتْلَفَ مِثْلَ هَذَا مِمَّا فِي يَدِهِ، وَذَلِكَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ.

وَيُقْسَمُ هَذَا الْقَدْرُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْجَاحِدِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى أَصْلِ حَقِّهِمَا: ثُلُثَاهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَثُلُثُهُ لِلْمُضَارِبِ الْجَاحِدِ، ثُمَّ يَجْمَعُ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُضَارِبَيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ رِبْحُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الشَّرْطِ، ثُمَّ يَجْمَعُ مَا أَصَابَ الْمُقِرُّ بِالشَّرِكَةِ مِنْ الرِّبْحِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ إلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِ الشَّرِكَةِ فَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ: لِلْمُقِرِّ سَهْمٌ وَلِلْمُقِرِّ لَهُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ زَعَمَ أَنَّ لِلْمُقِرِّ لَهُ سَهْمًا أَصْلُ مَالِهِ وَثُلُثُ الْخَمْسِمِائَةِ رِبْحٌ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَثُلُثُ الْخَمْسِمِائَةِ الرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ أَرْبَاعًا فَيُجْعَلُ كُلُّ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ، وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْمُقِرُّ لِصَاحِبِ الشَّرِكَةِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ سَهْمَانِ، فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَحِصَّةُ الْمُضَارِبِ الْمُقِرِّ بِالشَّرِكَةِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ سَهْمٌ، فَذَلِكَ كُلُّهُ إذَا جَمَعْته تِسْعَةُ أَسْهُمٍ؛ فَلِهَذَا يُقَسَّمُ مَا حَصَلَ فِي أَيْدِيهِمَا عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ: ثَمَانِيَةُ أَتْسَاعِهِ لِلْمُقِرِّ لَهُ: وَتُسْعُهُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِمَا يُجْعَلُ فِي حَقِّهِمَا كَالتَّاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْمُضَارِبِ يَدْفَعُ الْمَالَ مُضَارَبَةً]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً؛ لِأَنَّهُ سَوَّى غَيْرَهُ بِنَفْسِهِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ؛ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ لِلثَّانِي شَرِكَةً فِي رِبْحِ مَالِ رَبِّ الْمَالِ، وَرَبُّ الْمَالِ مَا رَضِيَ إلَّا شَرِكَتَهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْسِبَ سَبَبَ الشَّرِكَةِ لِلْغَيْرِ فِيهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ مُضَارَبَةً إلَى غَيْرِهِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ، فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ رَأْسَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا مُخَالِفًا بِدَفْعِهِ إلَى غَيْرِهِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي رَضِيَ بِهِ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ ضَمِنَهُ سُلِّمَتْ الْمُضَارَبَةُ فِيمَا بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ، وَالْمُضَارِبِ الْآخَرِ عَلَى شَرْطِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ مِنْ حِينَ صَارَ مُخَالِفًا، فَإِنَّمَا دَفَعَ مَالَ نَفْسِهِ مُضَارَبَةً إلَى الثَّانِي.

وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَتِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّمَانِ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ عَامِلًا لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعُهْدَةِ، ثُمَّ الرِّبْحُ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ عَلَى مَا اشْتَرَطَا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ، وَإِنْ اخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي رَبِحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>