للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتَ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ شِئْت أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أُخْرَى، وَإِنْ شِئْت فَرُدَّ الْكُرَّ وَخُذْ دَرَاهِمَك؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُ لَمَّا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ أَمْكَنَ إثْبَاتُ الزِّيَادَةِ فِي الْبَدَلِ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ كُرًّا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ سِوَاهُ، فَهُنَاكَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَشَرَةً أُخْرَى حَتَّى تَسْلَمَ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ فَهُنَا أَيْضًا يُخَيَّرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْكُرَّ وَيَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ، وَإِنَّمَا نَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ السَّلَمِ إذَا كَانَتْ فِيهِ مُحَابَاةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُفَسَّرًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكُتُبِ سِوَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَ خَمْسِينَ، ثُمَّ مَرِضَ الْمُشْتَرِي فَأَقَالَهُ الْبَائِعُ، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ خَمْسِينَ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَأَخَذَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ حَابَاهُ بِقَدْرِ نِصْفِ مَالِهِ فَلَا يُسْلِمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ إلَّا مِقْدَارَ الثُّلُثِ غَيْرَ أَنَّ إقَالَةَ الْبَيْعِ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَسْخِ بِخِلَافِ إقَالَةِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَائِمٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ، وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ تَحَالَفَا فِي الْبَيْعِ وَتَرَادَّا الْإِقَالَةَ وَفِي السَّلَمِ لَا يَتَحَالَفَانِ فَلِكَوْنِ الْإِقَالَةِ بِغَرَضِ الْفَسْخِ هُنَا أَثْبَتنَا الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ شَرْطُ الْإِقَالَةِ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الْخَمْسِينَ بِطَرِيقِ فَسْخِ الْإِقَالَةِ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ، وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ ثُلُثَ الثَّمَنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ، وَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ مِنْ الثَّمَنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، قَدْ سَلَّمَ لِلْبَائِعِ ثُلُثَ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ فَيَكُونُ السَّالِمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ مِثْلَ نِصْفِ مَا سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَرَضِ وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ وَلَا مَالَ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ غَيْرُهَا وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دَيْنٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ مَاتَ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الثَّلَاثِينَ دِرْهَمًا وَنَقَضَ السَّلَمَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ هُنَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِتَعَيُّنِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ السَّلَمَ وَرَدَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ فَلَا تَبْقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>