للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَتْ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَهَذَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، وَقَالَ الزَّوْجُ بَلَى فَهُوَ إقْرَارٌ لِمَا بَيَّنَّا.

وَلَوْ قَالَ لَهَا قَدْ تَزَوَّجْتُكِ أَمْسِ، فَقَالَتْ لَا، ثُمَّ قَالَتْ بَلَى، وَقَالَ هُوَ لَا لَزِمَهُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَمْ يَبْطُلْ بِتَكْذِيبِهَا فَإِنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَصَحَّ تَصْدِيقُهَا بَعْدَ التَّكْذِيبِ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِتَصَادُقِهِمَا فَلَا مُعْتَبَرَ بِإِنْكَارِهِ.

وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى وَقْتٍ قَبْلَ النِّكَاحِ وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ مَالِكًا لِلِانْتِفَاعِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُسْنِدَ الطَّلَاقُ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهَا إنْ صَدَقَتُهُ فِي الْإِسْنَادِ فَعِدَّتُهَا مِنْ حِينِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فِي الْإِسْنَادِ فَعِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ إقْرَارِ الزَّوْجِ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ إذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ فِي ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهَا.

وَلَوْ قَالَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ، وَذَلِكَ اسْمُ امْرَأَتِهِ أَوْ قَالَ: عَنَيْتُ غَيْرَهَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ إيقَاعٌ شَرْعِيٌّ، وَلِأَنَّهُ لَهُ الْإِيقَاعُ عَلَى زَوْجَتِهِ دُونَ غَيْرِهَا، فَإِذَا قَالَ: عَنَيْتُ غَيْرَهَا كَانَ الظَّاهِرُ مُكَذِّبًا لَهُ فِي مَقَالَتِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: ابْنَةُ فُلَانٍ طَالِقٌ وَاسْمُ أَبِيهَا مَا قَالَ طَلُقَتْ، وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَعْنِ امْرَأَتِي. وَكَذَلِكَ لَوْ نَسَبَهَا إلَى أُمِّهَا أَوْ إلَى وَلَدِهَا، فَإِذَا قَالَ: عَنَيْتُ غَيْرَهَا يَكُونُ الظَّاهِرُ مُكَذِّبًا لَهُ فِي مَقَالَتِهِ. وَكَذَلِكَ كَلَامُهُ صَالِحٌ لِلْإِيقَاعِ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا يَدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ كَلَامَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ.

وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الدُّخُولِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى وَقْتٍ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ فِيهِ فَيُجْعَلُ مُوقِعًا لِلطَّلَاقِ وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ نِصْفَ الْمَهْرِ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ وَطِئَهَا بِالشُّبْهَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ إقْرَارِ الْمَحْجُورِ وَالْمَمْلُوكِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى حُرٍّ، ثُمَّ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ بِسَبَبِ السَّفَهِ بَاطِلٌ عِنْدَهُمَا فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ كَإِقْرَارِهِ قَبْلَهُ قَالَ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا وَمَعْنَى هَذَا مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>