الِاسْتِحَاضَةِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ قَالَتْ: أَعْلَمُ أَنَّى لَمْ أَكُنْ مُسْتَحَاضَةً فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى انْتِقَالَ الْعَادَةِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا تَنْتَقِلُ الْعَادَةُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ أَخْبَرَتْ عَنْ دَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَطُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ، وَعَلِمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَاضَةً قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا فَهَذَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَنْتَقِلُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّتَيْنِ وَلَكِنْ لَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ لِتَوَهُّمِ الطُّهْرِ الطَّوِيلِ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا، فَإِنْ أَخْبَرَتْ عَنْ دَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعَدَدِ وَعَنْ طُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعَدَدِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ هَذَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَكِنْ لَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ لِتَوَهُّمِ الطُّهْرِ الطَّوِيلِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَوْسَطِ الْأَعْدَادِ هَذَا لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ فَإِنْ أَخْبَرَتْ عَنْ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَدِمَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا هَلْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةٌ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَهَذَا لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَوْسَطِ الْأَعْدَادِ؛ لِأَنَّ الْخَالِصَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ دَمَانِ وَطُهْرَانِ، وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَاضَةً قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فَهَذَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ بِالْبِنَاءِ عَلَى أَوْسَطِ الْأَعْدَادِ. وَلَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ لِتَوَهُّمِ الطُّهْرِ الطَّوِيلِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَخْرُجُ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابُ الْإِضْلَالِ فِي الْحَيْض]
(بَابُ الْإِضْلَالِ) (قَالَ): وَإِذَا كَانَتْ امْرَأَةٌ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَاسْتُحِيضَتْ وَطَبَّقَتْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَنَسِيَتْ عَدَدَ أَيَّامِهَا وَمَوْضِعَهَا فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى أَكْبَرِ رَأْيِهَا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَكَمَا أَنَّ عِنْدَ اشْتِبَاهِ أَمْرِ الْقِبْلَةِ عَلَيْهَا تَتَحَرَّى فَكَذَا اشْتِبَاهُ حَالِهَا فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ عَلَيْهَا تَتَحَرَّى فَكُلُّ زَمَانٍ يَكُونُ أَكْبَرُ رَأْيِهَا أَنَّهَا حَائِضٌ فِيهِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَكُلُّ زَمَانٍ أَكْثَرُ رَأْيِهَا عَلَى أَنَّهَا فِيهِ طَاهِرَةٌ تُصَلِّي فِيهِ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ بِالشَّكِّ وَكُلُّ زَمَانٍ لَمْ يَسْتَقِرَّ رَأْيُهَا فِيهِ عَلَى شَيْءٍ بَلْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالدُّخُولِ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهَا تُصَلِّي فِيهِ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ بِالشَّكِّ، وَكُلُّ زَمَانٍ لَمْ يَسْتَقِرَّ رَأْيُهَا عَلَى شَيْءٍ بَلْ تَرَدَّدَ رَأْيُهَا فِيهِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا تُصَلِّي فِيهِ بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِالشَّكِّ، وَالْقِيَاسُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْيٌ أَنْ تَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ سَاعَةٍ إلَّا وَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ وَقْتُ خُرُوجِهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute