الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ جَمِيعِ الْقَوْمِ
وَلَوْ أَنَّ أَمَةً افْتَتَحَتْ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَرَعَفَتْ فَذَهَبَتْ لِتَتَوَضَّأَ فَأُعْتِقَتْ، أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَمَاتَ سَيِّدُهَا فَأَخَذَتَا الْقِنَاعَ مِنْ سَاعَتَيْهِمَا قَبْلَ أَنْ تَعُودَا إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ وَفِيهِ قِيَاسَانِ كِلَاهُمَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فَرْضَ التَّقَنُّعِ لَمَّا لَزِمَهُمَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَوْجَبَ اسْتِقْبَالَ الصَّلَاةِ كَالْعَارِي لَوْ وَجَدَ ثَوْبًا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا لَمَّا رَعَفَتَا وَهُمَا فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدُ فَكَأَنَّهُمَا فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا تَرَكَتَا التَّقَنُّعَ سَاعَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُمَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ قَالَ: هَذَا الْفَرْضُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُمَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ أَتَيَا بِهِ بِخِلَافِ الْعُرْيَانِ فَهُنَاكَ فَرْضُ السِّتْرِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا لِلْعَجْزِ، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ، وَإِنْ كَانَتَا فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَهُمَا غَيْرُ مَشْغُولَتَيْنِ بِأَدَاءِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَإِذَا أَخَّرَتَا التَّقَنُّعَ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا أَدَاءُ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ مَكْشُوفَتَيْ الْعَوْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَتَا إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَقَنَّعَتَا فَقَدْ وُجِدَ هُنَاكَ أَدَاءُ جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ مَكْشُوفَتَيْ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ الْقِيَامُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُفْسِدًا لِصَلَاتَيْهِمَا، وَهَذَا نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ عَادَ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ عَادَ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةِ التَّيَمُّمِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً فَعَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ
[صَلَّى بِالْقَوْمِ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ فِي مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ]
رَجُلٌ صَلَّى بِالْقَوْمِ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ فِي مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ فَصَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ كَانُوا مُقِيمِينَ أَوْ مُسَافِرِينَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ أَنَّهُ مُقِيمٌ وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ يُجْعَلُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْإِمَامُ مُقِيمًا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ جَمِيعِ الْقَوْمِ حِينَ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَذَهَبَ فَإِنْ سَأَلُوهُ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مُسَافِرٌ جَازَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ إنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ أَوْ مُقِيمِينَ فَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ بَعْدَ فَرَاغِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَبِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيَجِبُ قَبُولُ خَبَرِهِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute