للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتٍ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَقْتٍ دُونَهُ فَإِنِّي أَقْضِي بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ تَارِيخَهُ أَسْبَقُ، وَقَدْ أَثْبَتَ نِكَاحَهُ فِي، وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ الْآخَرُ فَإِنَّمَا أَثْبَتَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ نِكَاحَ الْمَنْكُوحَةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ.

وَلَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْهُ فَإِنِّي أَقْضِي بِهِ لِلزَّوْجِ، وَأُثْبِتُ نَسَبَهُ مِنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ يَتَرَجَّحُ عَلَى فِرَاشِ الْمِلْكِ فِي حُكْمِ النَّسَبِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْحُرَّ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ مِلْكَ نَفْسِهِ فِي الْمَرْأَةِ، وَلَيْسَ بِمُقَابَلَتِهِ مَا يُوجِبُ حُرِّيَّتَهَا مِنْ الْحُجَّةِ فَيَقْضِي بِالْأَمَةِ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي فَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ إنْ شَهِدَ شُهُودُ الزَّوْجِ أَنَّهَا عَرِيَّةٌ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ جَعَلْتُ الْأَمَةَ، وَابْنَهَا مَمْلُوكَيْنِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِ وَالْمُوجِبُ لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ الْغُرُورُ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْغُرُورَ كَانَ مَمْلُوكًا لِلْمُدَّعِي ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ فَتَكُونُ أُمُّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلَا يُقَالُ عِنْدَ إثْبَاتِ الْغُرُورِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَغْرَمَ الزَّوْجُ قِيمَةَ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي بِحُرِّيَّتِهِ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ الرِّقِّ فِيهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فَإِنَّ وَلَدَ الْمَغْرُورِ يَكُونُ حُرًّا مِنْ الْأَصْلِ فَلِهَذَا كَانَ عَلَى الزَّوْجِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا.

قَالَ: أَمَةٌ مَعَ وَلَدِهَا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَةُ أَبِيهِ وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ فِي مِلْكِهِ، وَأَبُوهُ مَيِّتٌ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ عَلَى فِرَاشِهِ فِي مِلْكِهِ قَضَيْتُ بِالْوَلَدِ لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَيْسَ فِي يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ إثْبَاتَ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ لَهَا وَفِي بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ إثْبَاتَ رِقِّهَا؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُعْتَقُ إلَّا بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَالتَّرْجِيحُ بِالْحُرِّيَّةِ أَقْوَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِالْيَدِ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ أَنْ تَكُونَ أَمَةٌ لِذِي الْيَدِ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ، وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُرِّيَّتِهَا فَلِهَذَا قَضَيْنَا بِوَلَائِهَا لِلْمَيِّتِ، وَيَكُونُ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي إثْبَاتِ مَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[بَابُ دَعْوَى الْعَتَاقِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَمَةٌ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ مَوْلَاهَا، وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ، وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مَوْلَاهَا آخُذُ بَيِّنَةَ الْوِلَادَةِ)؛ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لَهَا، وَحَقُّ الْحُرِّيَّةِ كَحَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ فَإِذَا اقْتَرَنَ بِالشِّرَاءِ مَنَعَ صِحَّةَ الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَهَا فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْوِلَادَةِ سَابِقَةٌ مَعْنَى فَإِنَّ ثُبُوتَ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَهَا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ وَذَلِكَ كَانَ سَابِقًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>