للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قِيمَةٍ أُخْرَى لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَتُهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا سَعَتْ فِي مُكَاتَبَتِهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَتُهُ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ مُكَاتَبَتِهَا وَمِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي الْأَقَلِّ.

وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ فَاسْتَسْعَاهَا فِي قِيمَتِهَا فَقَتَلَتْهُ خَطَأً وَهِيَ تَسْعَى فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا مِنْ قِبَلِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ وَيَبْطُلُ عَنْهَا سِرَايَةُ الرِّقِّ وَلِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ وَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ فَلَا شَيْءَ لِوَلَدِهَا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مُسْلِمٌ مَعَ أَبِيهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ وَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ لِوَرَثَةِ الْأَبِ وَإِذَا قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مَوْلَاهَا عَمْدًا وَهِيَ حُبْلَى مِنْهُ وَلَا وَلَدَ لَهَا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ وَرَثَتِهِ وَمِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحُبْلَى لَا تُقْتَلُ بِالْقِصَاصِ حَتَّى تَضَعَ فَإِنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهَا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ جُزْءًا مِنْ الْقِصَاصِ صَارَ مِيرَاثًا لِوَلَدِهَا وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا كَانَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ لِوَرَثَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَنْفَصِلُ مَيِّتًا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا وَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَفِيهِ غُرَّةٌ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ الَّذِي فِي بَطْنِهَا كَانَ حُرًّا وَالْوَاجِبُ فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ الْغُرَّةُ وَلَهَا مِيرَاثُهَا مِنْ تِلْكَ الْغُرَّةِ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَهِيَ وَارِثَةٌ حِينَ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ بِالضَّرْبَةِ وَتُقْتَلُ هِيَ بِالْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا تَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَ انْفِصَالُهُ بِالضَّرْبَةِ أَوْ بِغَيْرِ الضَّرْبَةِ وَإِيجَابُ الْغُرَّةِ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِكَوْنِ الْجَنِينِ حَيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبِ قَطْعِ السُّرِّ وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى ثُمَّ نَصِيبُهَا مِنْ الْغُرَّةِ مِيرَاثٌ لِبَنِي مَوْلَاهَا لِأَنَّهُمْ عُتَقَاءُ وَلَا يُحْرَمُونَ الْمِيرَاثَ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوهَا بِحَقٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

[بَابُ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ فِي الْخَطَأِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً وَلَهُ وَارِثَانِ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَقْضِ لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَتَلَ الْآخَرَ فَجَاءَ الْآخَرُ فَخَاصَمَ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ مُكَاتَبٌ بَعْدَ وَفَائِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْمَقْضِيَّ فِيهِ لِلْأَوَّلِ قَدْ فَرَغَ مِنْ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْآخَرِ فَيُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِذَلِكَ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي يُقْضَى لَهُ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّهُ وَحَقُّ الَّذِي لَمْ يُقْضَ لَهُ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَجَاءَ الْأَوْسَطُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ رُبْعَ الْعَبْدِ أَوْ يَفْدِيهِ مَوْلَاهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ وَالْجِنَايَةُ فِي حَقِّهِ بَاقِيَةٌ فِي رُبْعِ الرَّقَبَةِ لِانْعِدَامِ الْمُحَوَّلِ إلَى الْقِيمَةِ وَهُوَ قَضَاءُ الْقَاضِي فَلِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>