للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ رَأَى طَرَفًا مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ، وَرُؤْيَةُ جُزْءٍ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ فِي إسْقَاطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي طَيِّ الثَّوْبِ مَا هُوَ مَقْصُودٌ كَالطِّرَازِ وَالْعَلَمِ فَحِينَئِذٍ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ مَا لَمْ يَرَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ وَالْمَقْصُودُ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ بِمِقْدَارِ الْمَالِيَّةِ

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى خَادِمَةً عَلَى أَنَّهَا خُرَاسَانِيَّةٌ فَوَجَدَهَا سِنْدِيَّةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ هَذَا الْعَيْبِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَبِيدَ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْأَصْلِ وَتَقَارُبِ الْمَقْصُودِ إلَّا أَنَّ الْخُرَاسَانِيَّات أَكْثَرُ مَالِيَّةً مِنْ السِّنْدِيَّاتِ فَإِنَّمَا فَاتَ زِيَادَةُ صِفَةٍ مَشْرُوطَةٍ وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فِي إثْبَاتِ حَقِّ الرَّدِّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ فَوَجَدَهُ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَهُوَ يُؤَخِّرُ النَّظَرَيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ» فَفِيهِ دَلِيلُ جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ.

وَالْمُرَادُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَلِهَذَا قَدَّرَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَذَكَرَ التَّحْفِيلَ لِبَيَانِ السَّبَبِ الدَّاعِي إلَى شَرْطِ الْخِيَارِ، وَالْمُحَفَّلَةُ الَّتِي اجْتَمَعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا وَالْمَحْفِلُ هُوَ الْمَجْمَعُ، وَاجْتِمَاعُ اللَّبَنَيْنِ فِي ضَرْعِهَا قَدْ يَكُونُ لِغَزَارَةِ اللَّبَنِ وَقَدْ يَكُونُ بِتَحْصِيلِ الْبَائِعِ بِأَنْ يَسُدَّ ضَرْعَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا فَلَا يَتَبَيَّنُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالنَّظَرِ مُدَّةً، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَبَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَعَلَّ النُّقْصَانَ تَعَارَضَ فَإِذَا حَلَبَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَكَانَ مِثْلَ الْيَوْمِ الثَّانِي عَلِمَ أَنَّ لَبَنَهَا هَذَا الْقَدْرُ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ كَانَ لِلتَّحْفِيلِ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى يَدْفَعَ الْغُرُورَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَجَوَّزَ لَهُ الشَّرْعُ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ يُؤَخِّرُ النَّظَرَيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ شَرْطِ خِيَارٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِسَبَبِ التَّحْفِيلِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لِأَجْلِ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى نَاقَةً فَوَجَدَهَا مُصَرَّاةً وَهِيَ الَّتِي سَدَّ الْبَائِعُ ضَرْعَهَا حَتَّى اجْتَمَعَ اللَّبَنُ فِيهِ فَصَارَ ضَرْعُهَا كَالصَّرَاةِ وَهِيَ الْحَوْضُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَالتَّصْرِيَةُ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِسَبَبِ التَّصْرِيَةِ وَالتَّحْفِيلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَوَّدَ أَنَامِلَ الْعَبْدِ حَتَّى ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي كَاتِبًا أَوْ أَلْبَسَهُ ثِيَابَ الْخَبَّازِينَ حَتَّى ظَنَّهُ خَبَّازًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الشَّاةِ الْمُحَفَّلَةِ أَخَذَ بِالْحَدِيثِ وَأَقُولُ يَرُدُّهَا وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ، وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>