للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَيْبِ تُسْتَحَقُّ بِمُطْلَقِ الْمُعَاوَضَةِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا انْتَقَضَتْ حِصَّتُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَجِّرَيْنِ اعْتِبَارًا لِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بِمَوْتِهِمَا فِي حَقِّ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا.

وَإِنْ ارْتَدَّ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ بِمَوْتِهِ حَكَمَ حِينَ يُقْضَى بِلَحَاقِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَاتَ حَقِيقَةً، وَإِنْ لَمْ يَخْتَصِمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى رَجَعَ مُسْلِمًا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ شَيْءٌ فَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ اللِّحَاقَ بِدَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ قَضَاءُ الْقَاضِي بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْغَيْبَةِ فَلَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعُذْرِ. فَإِذَا زَالَ بِرُجُوعِهِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لَازِمَةً فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْإِجَارَةِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا اخْتَلَفَ شَاهِدَا الْإِجَارَةِ فِي مَبْلَغِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَالْمُدَّعِي هُوَ الْمُؤَاجِرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِثْلِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَالْآخَرُ بِأَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ كَذَّبَ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ هَذَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ وَمَعَ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْبَدَلِ لَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ. فَأَمَّا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَالْحَاجَةُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تُقْضَى بِالْأَقَلِّ كَمَا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي سِتَّةً وَشَهِدَ بِهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ بِخَمْسَةٍ (قَالَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هُنَا؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ بَدَلٌ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مُكَذِّبًا أَحَدَ شَاهِدَيْهِ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ قَبُولَ شَهَادَتِهِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ، وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى الْإِجَارَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ تَحَالَفَا، أَوْ تَرَادَّا لِاحْتِمَالِ الْعَقْدِ الْفَسْخَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ دَابَّةٌ فَقَالَ الْمُسْتَكْرِي مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ بِخَمْسَةٍ، وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ إلَى الصَّرَاةِ وَالصَّرَاةِ الْمُنَصِّفِ تَحَالَفَا، وَبَعْدَمَا حَلَفَا أَنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِأَحَدِهِمَا أُخِذَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ أَحَقُّ بِالْعَمَلِ بِهَا مِنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ أُخِذَتْ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الدَّابَّةِ عَلَى الْآجِرِ وَبَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى فَضْلِ الْمَسِيرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا إلَى بَغْدَادَ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ بَيَّنَّا نَظِيرَهُ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمَكَانِ وَاخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْأَجْرِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ حَقَّهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْأَجْرُ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>