دَيْنَهُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا مَالُ الْمَيِّتِ، وَلِأَنَّ الْإِبِلَ مَحْبُوسَةٌ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ بِمَا عَجَّلَ مِنْ الْكِرَاءِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ أَخْذِهَا وَبَيْعِهَا حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ فَلِهَذَا قَبِلَ بَيِّنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَنَفَذَ قَضَاؤُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ مَعَ غَيْبَتِهِمْ.
وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَغَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ أَوْ أَصَابَهَا نَزٌّ لَا تَصْلُحُ مَعَهُ الزِّرَاعَةُ فَهَذَا عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ أَوْ افْتَقَرَ حَتَّى لَا يَقْدِرَ عَلَى مَا يَزْرَعُ فَهَذَا عُذْرٌ؛ لِأَنَّ الزَّارِعَ فِي الْحَالِ مُتْلِفٌ لِبَذْرِهِ وَلَا يَدْرِي أَيَحْصُلُ الْخَارِجُ، أَوْ لَا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إيفَاءِ الْعَقْدِ إلَّا بِإِتْلَافِ مَالِهِ فَهُوَ عُذْرٌ لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ أَرْضًا أَرْخَصَ مِنْهَا، أَوْ أَجْوَدَ لَمْ يَكُنْ هَذَا عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ يَقْصِدُ هُنَا تَحْصِيلَ الرِّبْحِ لَا دَفْعَ الضَّرَرِ.
وَإِنْ مَرِضَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِنَفْسِهِ فَهَذَا عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَعْمَلُ أُجَرَاؤُهُ فَلَيْسَ هَذَا عُذْرًا الْبَقَاءُ يُمْكِنُهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا قَصَدَهُ بِالْعَقْدِ.
وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِيَتِيمٍ أَجَّرَهَا وَصِيُّهُ فَكَبِرَ الْيَتِيمُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيِّ عَلَى مَالِهِ كَعَقْدِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إيفَاءِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ بُلُوغِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَجَّرَ نَفْسَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ كَدٌّ وَتَعَبٌ وَهُوَ يَتَضَرَّرُ بِإِيفَاءِ الْعَقْدِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِخِدْمَةٍ أَوْ لِعَمَلٍ آخَرَ فَمَرِضَ الْعَبْدُ فَهَذَا عُذْرٌ فِي جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْعَبْدِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إيفَاءِ الْعَقْدِ فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يُكَلِّفُهُ مِنْ إيفَاءِ الْعَمَلِ إلَّا بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَهُوَ يَرْضَى بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دُونَ حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى بَرِئَ الْعَبْدُ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ لِزَوَالِ الْعُذْرِ وَيُطْرَحُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَهُوَ مَا يَتَعَطَّلُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَبَقَ الْعَبْدُ، أَوْ كَانَ سَارِقًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إمَّا لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ لِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ فَسْخُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إيفَاءِ الْعَقْدِ فَوْقَ مَا الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُسَافِرَ وَيَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَمَلَ فَهُوَ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ إلَى السَّفَرِ لِحَاجَتِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الْعَبْدَ إذَا خَرَجَ.
وَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ هَذَا عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ فَوْقَ مَا الْتَزَمَهُ بِالْعَبْدِ وَهُوَ تَرْكُ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمُسْتَأْجِرُ أَجِيرًا أَرْخَصَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا عُذْرًا؛ لِأَنَّ فِي هَذَا تَحْصِيلَ الرِّبْحِ لَا دَفْعَ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ حَاذِقٍ بِذَلِكَ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْجَوْدَةِ لَا تُسْتَحَقُّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ فَاسِدًا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ صِفَةَ السَّلَامَةِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute