بِالزَّوْجِيَّةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْلُومًا لَهُ لَا يَشْتَغِلُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا النَّفَقَةَ بِطَرِيقِ الِاسْتِدَانَةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ فِي هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَحُضُورُ مَالِهِ بِمَنْزِلَةِ حُضُورِهِ اسْتِحْسَانًا.
(قَالَ:) وَلَا يَبِيعُ الْعُرُوضَ فِي نَفَقَتِهَا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَمْ يَبِعْ الْقَاضِي عُرُوضَهُ فِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ غَائِبًا أَوْلَى، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا إنَّمَا يَبِيعُ عَلَى الْحَاضِرِ عُرُوضَهُ بَعْدَ مَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَجْرِ وَإِلْزَامُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَالَ) وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهَا وَيُعْطِيهَا الْكِسْوَةَ مِنْ الثِّيَابِ إنْ كَانَتْ لَهُ وَالنَّفَقَةَ مِنْ طَعَامِهِ إنْ كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهَا وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ كَمَا «قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدَ خُذِي مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» فَلَأَنْ يَقْضِيَ لَهَا الْقَاضِي بِذَلِكَ كَانَ أَوْلَى، وَيَأْخُذَ مِنْهَا كَفِيلًا بِجَمِيعِ ذَلِكَ نَظَرًا مِنْهُ لِلْغَائِبِ فَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُصُولِ النَّفَقَةِ إلَيْهَا لِهَذَا الْوَقْتِ فَالْكَفِيلُ ضَامِنٌ لِمَا أَخَذَتْ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالْكَفَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ، وَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ وَنَكَلَ الْكَفِيلُ لَزِمَهَا وَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِذَلِكَ، أَوْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّهُ كَفِيلٌ بِمَا لَزِمَهَا رَدُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِنُكُولِهَا وَلِهَذَا لَزِمَ كَفِيلَهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
[بَابُ نَفَقَةِ الْعَبْدِ]
(قَالَ:) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ، أَوْ الْمُدَبَّرِ أَوْ الْمُكَاتَبِ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ قَدْ بُوِّئَتْ مَعَهُ بَيْتًا فَإِنَّهُ يُفْرَضُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ الزَّوْجِيَّةُ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْمَمْلُوكِ كَمَا تَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْحُرِّ وَهُوَ تَسْلِيمُهَا إلَى الزَّوْجِ فِي مَنْزِلِهِ وَالْحُكْمُ يَنْبَنِي عَلَى السَّبَبِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَهْرَ بِالنِّكَاحِ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْحُرِّ، ثُمَّ مَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الدُّيُونِ إذَا ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى تَعَلُّقٌ بِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ حَتَّى يُبَاعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ الْمَوْلَى، وَدَيْنُ النَّفَقَةِ ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ النِّكَاحُ كَانَ بِرِضَاهُ فَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ يُبَاعُ فِيهِ، ثُمَّ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَرَّةً أُخْرَى يُبَاعُ فِيهِ أَيْضًا وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ دُيُونِ الْعَبْدِ مَا يُبَاعُ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ إلَّا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ يَتَجَدَّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute