للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْتِبَارَ الْحَاصِلِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ ضَمَانِهِ فَإِنَّ مَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ هُنَا.

وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ، أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ لَمْ يَبِعْهَا مُرَابَحَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى حَاصِلِ مَا بَقِيَ فِي ضَمَانِهِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَرَجَعَ إلَيْهِ أَلْفٌ وَكُرُّ حِنْطَةٍ، أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ فَلَا بُدَّ مِنْ طَرْحِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَيْنِ، وَطَرْحُ الْحِنْطَةِ وَالدِّينَارِ مِنْ الدَّرَاهِمِ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهَا الْحَزْرُ وَالظَّنُّ، وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَبِعْهَا مُرَابَحَةً فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي الصُّورَةِ جِنْسَانِ وَفِي الْمَعْنَى كَجِنْسٍ وَاحِدٍ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ فِي شِرَاءِ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ جَعَلَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ لِلِاحْتِيَاطِ وَفِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ كَذَلِكَ، وَإِذَا كَانَا كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ طَرْحِ مِائَةِ دِينَارٍ مِنْ الْأَلْفَيْنِ غَرِمَهَا فِي ثَمَنِهَا مَرَّتَيْنِ، وَلَا طَرِيقَ لِذَلِكَ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَلِهَذَا لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عِنْدَهُ.

وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ بَاعَ الْجَارِيَةَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ، أَوْ الْمَوْزُونِ، أَوْ بِعَرَضٍ قِيمَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ مَا عَادَ إلَيْهِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا غَرِمَ فِيهَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَضُمَّ بَعْضُ الْعُقُودِ إلَى الْبَعْضِ، كَمَا لَا يَكُونُ عِنْدَ اخْتِلَافِ جِنْسِ النُّقُودِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ هِبَةً، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فِيمَا غَرِمَ فِيهِ وَفِيمَا عَادَ إلَيْهِ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ، فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِكُرِّ حِنْطَةٍ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِمَّا بَاعَهُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ كَانَ جَائِزًا بِخِلَافِ النُّقُودِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْمُضَارِبِ يَبِيعُ الْمَالَ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ]

(قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -): قَدْ بَيَّنَّا فِي الْبُيُوعِ أَنَّ مَنْ بَاعَ أَوْ بِيعَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَتَعَيَّبْ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَعَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ بُنِيَ الْبَابُ.

قَالَ: إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهَا حَتَّى اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْبَائِعُ لَهَا، وَالْبَائِعُ لِغَيْرِهِ كَالْبَائِعِ لِنَفْسِهِ فِي حَقِّ قَبْضِ الثَّمَنِ، فَكَذَلِكَ فِي الْمَنْعِ مِنْ الشِّرَاءِ بِأَقَلَّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا رَبُّ الْمَالِ لِنَفْسِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ بَاعَهَا لَهُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مِمَّا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ فَكَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>