الْمُدْلَى بِهِ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّدُ الشَّيْءُ حُكْمًا إذَا كَانَ يُتَصَوَّرُ حَقِيقَةً وَالْعَدَدُ فِي الْأَوْلَادِ مِنْ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ يَتَحَقَّقُ فَيَثْبُتُ التَّعَدُّدُ فِيهِمْ حُكْمًا بِتَعَدُّدِ الْفُرُوعِ، فَأَمَّا فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعَدُّدُ حَقِيقَةً فَلَا يَثْبُتُ التَّعَدُّدُ حُكْمًا بِتَعَدُّدِ الْقَرَابَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ أَعْمَامِ الْأُمِّ وَعَمَّاتِهَا وَأَخْوَالِ الْأُمِّ وَخَالَاتِهَا]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): فَإِنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ خَالَةً لِأُمٍّ أَوْ خَالًا لِأُمٍّ فَالْمِيرَاثُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ وَارِثَةٌ لَهُ فَخَالُهَا وَخَالَتُهَا بِمَنْزِلَةِ خَالِهِ وَخَالَتِهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ تَرَكَهُمَا جَمِيعًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ لِاسْتِوَاءِ الْمُدْلَى بِهِ فَإِنْ تَرَكَ خَالَةَ الْأُمِّ وَعَمَّةَ الْأُمِّ فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْعَمَّةِ وَالثُّلُثُ لِلْخَالَةِ، وَذَكَرَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِعَمَّةِ الْأُمِّ، وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِخَالَةِ الْأُمِّ فَوَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّ فِي تَوْرِيثِ هَذَا النَّوْعِ الْمُدْلَى بِهِ أُقِيمَ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَعَمَّةُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ عَمَّةِ الْمَيِّتِ.
وَكَذَلِكَ خَالَةُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ خَالَةِ الْمَيِّتِ فَيَكُونُ لِلْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِلْخَالَةِ الثُّلُثُ وَوَجْهُ قَوْلِ عِيسَى أَنَّ عَمَّةَ الْأُمِّ قَرَابَتُهَا مِنْ الْأُمِّ قَرَابَةُ الْأَبِ وَخَالَةُ الْأُمِّ قَرَابَتُهَا مِنْ الْأُمِّ قَرَابَةُ الْأُمِّ وَالتَّوْرِيثُ هُنَا لِمَعْنَى الْعُصُوبَةِ فَتُرَجَّحُ قَرَابَةُ الْأَبِ عَلَى قَرَابَةِ الْأُمِّ، وَهَكَذَا كَانَ الْقِيَاسُ فِي عَمَّةِ الْمَيِّتِ وَخَالَتِهِ، وَإِنَّمَا تَرَكْنَا ذَلِكَ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى هَذَا فَإِنَّ هُنَاكَ إحْدَاهُمَا وَلَدُ عَصَبَةٍ وَالْأُخْرَى وَلَدُ صَاحِبِ فَرِيضَةٍ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ هُنَا فَرَجَّحْنَا قَرَابَةَ الْأَبِ اعْتِبَارًا لِحَقِيقَةِ الْعُصُوبَةِ. وَوَجْهُ مَا قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَنَّ خَالَةَ الْأُمِّ وَلَدُ صَاحِبِ فَرْضٍ؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ أُمِّ الْأُمِّ وَهِيَ صَاحِبَةُ فَرْضٍ وَعَمَّةُ الْأُمِّ لَيْسَتْ بِوَلَدِ صَاحِبِ فَرِيضَةٍ وَلَا عَصَبَةٍ؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ أَبٍ الْأُمِّ فَلِهَذَا كَانَتْ خَالَةُ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ عَمَّةِ الْأُمِّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَكَ خَالَ الْأُمِّ وَخَالَةَ الْأُمِّ مَعَ عَمَّةِ الْأُمِّ، ثُمَّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا قَرَابَتَانِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا قَرَابَتَانِ وَلِلْأُخْرَى قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِهَةِ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ الْأُمِّ كَاخْتِلَافِ الْجِهَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ
فَإِنْ تَرَكَ عَمَّةَ الْأَبِ وَعَمَّ الْأَبِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِعَمَّةِ الْأَبِ إنْ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ، وَإِنْ كَانَ لِأُمٍّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى الْأَبْدَانِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ، وَعَلَى الْمُدْلَى بِهِ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَمَّةُ الْأَبِ وَخَالَةُ الْأَبِ فَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَعَلَى قَوْلِ عِيسَى وَيَحْيَى الْمَالُ كُلُّهُ لِعَمَّةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ الْعَصَبَةِ، وَهُوَ أَبُ أَبِ الْأَبِ، وَلِأَنَّهَا تُدْلِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute