شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ إذَا كَانَ مَحَلُّهُ مَحَلَّ آخَرَ بِأَنْ كَانَ الْمَوْلَى صَاحِبَ النَّخْلِ أَوْ صَاحِبَ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ بِمُقَابَلَةِ رَقَبَتِهِ، وَمَعَ فَسَادِ التَّسْمِيَةِ يُتْرَكُ الْعِتْقُ بِإِيفَاءِ الْمَشْرُوطِ، كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خَمْرٍ فَأَدَّى الْخَمْرَ. ثُمَّ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى مَوْلَاهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلِلْمَوْلَى عَلَيْهِ رَقَبَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَضْلَ، وَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ - لَمْ يَكُنْ عَلَى مَوْلَاهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ نَالَ الْعِتْقَ بِمُقَابَلَةِ مَا أَوْفَى مِنْ الْعَمَلِ فَلَا يَتَمَكَّنُ اسْتِرْدَادُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَاسْتِرْدَادُ بَدَلِهِ كَاسْتِرْدَادِهِ.
ثُمَّ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ الْمَوْلَى أَحَقُّ بِمَنَافِعِهِ فَلَا يُتَقَوَّمُ عَلَيْهِ مَنَافِعُهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُكَاتَبُ، وَذَلِكَ مِقْدَارُ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ وَإِذَا كَانَ مَحَلُّ الْمُكَاتَبِ مَحَلَّ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُكَاتَبِ لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ زَرَعَ الْأَرْضَ وَحَصَلَ الْخَارِجُ؛ لِأَنَّ الْجَعْلَ هُنَا بَعْضُ الْخَارِجِ وَهُوَ مَجْهُولُ اللَّوْنِ وَالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ تَمْنَعُ الْعِتْقَ وَإِنْ أَدَّى، كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ، ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ فِي يَدِ الْعَبْدِ هُنَا إلَى أَنْ يَرُدَّهُ الْمَوْلَى رَقِيقًا، وَإِذَا رَدَّهُ الْمَوْلَى رَقِيقًا كَانَ الْخَارِجُ لِلْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَشْرُوطٌ فِي الْكِتَابَةِ، فَلِهَذَا لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ بِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ عَمَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ فِيهَا بِأَمْرِ الْعَامِلِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ]
[قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -]: وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا هَذِهِ السَّنَةَ بِالنِّصْفِ فَبَذَرَهُ الْعَامِلُ وَسَقَاهُ فَلَمَّا نَبَتَ قَامَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ وَسَقَاهُ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ - فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ مُتَطَوِّعٌ فِيمَا صَنَعَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا قَدْ انْعَقَدَتْ فِي الْخَارِجِ حِينَ بَذَرَهُ الْعَامِلُ وَسَقَاهُ، وَصَارَ الْعَقْدُ بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْأَرْضِ فَسْخَهُ، فَإِقَامَةُ الْعَمَلِ بَعْدَ ذَلِكَ كَإِقَامَةِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ، وَلَوْ عَمِلَ أَجْنَبِيٌّ آخَرُ فِيهَا كَانَ مُتَطَوِّعًا فِيمَا صَنَعَ وَالْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ عَلَى الشَّرْطِ، فَكَذَلِكَ إذَا فَعَلَ رَبُّ الْأَرْضِ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ لِذَلِكَ فَعَمَلُ أَجِيرِهِ كَعَمَلِهِ وَأَجْرُ الْأَجِيرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، ثُمَّ رَبُّ الْأَرْضِ إنَّمَا عَمِلَ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ عَلَى غَيْرِهِ. وَلَوْ كَانَ الْمُزَارِعُ بَذَرَ الْبَذْرَ فَلَمْ يَنْبُتْ وَلَمْ يَسْقِهِ حَتَّى سَقَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَنَبَتَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُومُ عَلَيْهِ وَيَسْقِيهِ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ - فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعٌ فِي عَمَلِهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَيُجْعَلُ رَبُّ الْأَرْضِ مُتَطَوِّعًا فِيمَا عَمِلَ.
وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute