نِصْفُهَا فَبَقِيَتْ الْمُحَابَاةُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَتُعْتَبَرُ مُحَابَاتُهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ لَهَا ثُلُثُ هَذَا الْمِقْدَارِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ هَذَا الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّا لَوْ نَفَّذْنَا فِي ثُلُثِهَا رَجَعَ ثُلُثُ ذَلِكَ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ بِالْخُلْعِ، فَيَزْدَادُ مَالُهُمْ وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لَهَا بِحَسْبِهِ، فَلَا يَزَالُ يَدُورُ هَكَذَا فَلِقَطْعِ الدَّوْرِ قَالَ: تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ.
وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِالسِّهَامِ أَنَّك تَحْتَاجُ إلَى مَالٍ يَنْقَسِمُ ثُلُثُهُ أَثْلَاثًا، وَأَقَلُّ ذَلِكَ تِسْعَةٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَالُ الزَّوْجِ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ، وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِهِ إلَّا أَنَّ سَهْمًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَعُودُ إلَى الْوَرَثَةِ بِالْخُلْعِ وَصِيَّةً مِنْهَا لَهُ، فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَرَثَةِ الزَّوْجِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَحَاجَتُهُمْ إلَى سِتَّةٍ، وَهَذَا السَّهْمُ الزَّائِدُ هُوَ الدَّائِرُ الَّذِي يَسْعَى إلَى الْفَسَادِ، فَالسَّبِيلُ طَرْحُ هَذَا السَّهْمِ مِنْ قِبَلِ مَنْ خَرَجَ الدَّوْرُ مِنْ قِبَلِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: سَهْمُ الدَّوْرِ سَاقِطٌ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ هَذَا الدَّوْرُ مِنْ جَانِبِ الْوَرَثَةِ بِزِيَادَةِ حَقِّهِمْ، فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ سَهْمًا، فَيَبْقَى حَقُّهُمْ فِي خَمْسَةٍ، وَحَقُّ الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً؛ فَلِهَذَا جَعَلْنَا مَالَ الزَّوْجِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، ثُمَّ نَفَّذْنَا وَصِيَّتَهُ لَهَا فِي ثَلَاثَةٍ، وَيَعُودُ سَهْمٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَى وَرَثَتِهِ بِالْخُلْعِ فَيَصِلُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةٌ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِهِ، فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، ثُمَّ وَجْهُ التَّخْرِيجِ مِنْ حَيْثُ الدَّرَاهِمِ أَنَّ مَالَ الزَّوْجِ تِسْعُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، فَإِذَا قَسَّمْتَ ذَلِكَ أَثْمَانًا، فَكُلُّ ثُمُنٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، فَثَلَاثَةُ أَثْمَانِهِ تَكُونُ ثَلَثَمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفًا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ سِتُّمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَسُدُسٌ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِمْ مِنْ جِهَتِهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، فَيَكُونُ جُمْلَةُ ذَلِكَ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَلَثِمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفٍ، فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَحَصَلَ لِوَرَثَةِ الْمَرْأَةِ فِي الِابْتِدَاءِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَبِالْوَصِيَّةِ مِائَتَانِ وَاحِدٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ، فَيَكُونُ جُمْلَةُ ذَلِكَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ، فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَخَوَاتِهَا تَعُودُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ، فَيُؤَخَّرُ تَخْرِيجُ سَائِرِ الطُّرُقِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[بَابُ الْمَشِيئَةِ فِي الطَّلَاقِ]
(قَالَ) رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَذَلِكَ إلَيْهَا مَادَامَ فِي مَجْلِسِهَا لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْوُقُوعَ بِمَشِيئَتِهَا وَذَلِكَ مِنْ عَمَلِ قَلْبِهَا بِمَنْزِلَةِ اخْتِيَارِهَا وَقَدْ اتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute