الْعَصِيرِ، وَثُلُثَا الْمَاءِ، وَالْبَاقِي ثُلُثُ الْعَصِيرِ، وَثُلُثُ الْمَاءِ، فَهُوَ، وَمَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الْعَصِيرِ بَعْدَ مَا طَبَخَهُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ سَوَاءٌ.
وَإِذَا طُبِخَ عَصِيرٌ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُهُ، ثُمَّ صَنَعَ مِنْهُ مُلِيقًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ صَنَعَهُ بَعْدَ مَا غَلَى فَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الْعَصِيرِ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَى، وَاشْتَدَّ صَارَ مُحَرَّمًا، وَالْمُلِيقُ الْمُتَّخَذُ مِنْ عَيْنِ الْمُحَرَّمِ لَا يَكُونُ حَلَالًا كَالْمُتَّخَذِ مِنْ الْخَمْرِ، فَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ، فَهُوَ حَلَالُ الشُّرْبِ، فَأَمَّا صَنِيعُ الْمُلِيقِ مِنْ عَصِيرٍ، فَحَلَالٌ، وَإِذَا طَبَخَ الرَّجُلُ عَصِيرًا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الطَّبْخَ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُ مَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَ أَعَادَ عَلَيْهِ الطَّبْخَ قَبْلَ أَنْ يَغْلِيَ، أَوْ يَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الْعَصِيرِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ فِي دُفْعَتَيْنِ إلَى ذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ مِنْهُ، وَفِي دُفْعَةٍ سَوَاءٌ، وَإِنْ صَنَعَهُ بَعْدَ مَا غَلَى، وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الْعَصِيرِ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَاقَى شَيْئًا مُحَرَّمًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ خَمْرٍ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ بِهِ، وَإِذَا طَبَخَ الرَّجُلُ عَصِيرًا حَتَّى ذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ، ثُمَّ قَطَعَ عَنْهُ النَّارَ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ تَمَامُ الثُّلُثَيْنِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُثَلَّثًا بِقُوَّةِ النَّارِ، فَإِنَّ الَّذِي بَقِيَ مِنْهُ مِنْ الْحَرَارَةِ بَعْدَ مَا قُطِعَ عَنْ النَّارِ أَثَرُ تِلْكَ النَّارِ، فَهُوَ، وَمَا لَوْ صَارَ مُثَلَّثًا، وَالنَّارُ تَحْتَهُ سَوَاءٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرَدَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُثَلَّثًا؛ لِأَنَّ الْغَلَيَانَ بَعْدَمَا انْقَطَعَ عَنْهُ أَثَرُ النَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الشِّدَّةِ، وَحِينَ اشْتَدَّ، فَقَدْ صَارَ مُحَرَّمًا بِنَفْسِهِ؛ وَلِأَنَّ الْغَلَيَانَ بِقُوَّةٍ لَا يُنْقِصُ مِنْهُ شَيْئًا بَلْ يَزِيدُ فِي رِقَّتِهِ بِخِلَافِ الْغَلَيَانِ بِقُوَّةِ النَّارِ، فَإِنْ شَرِبَ الطِّلَاءَ الَّذِي قَدْ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ عُشْرُهُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَسْكَرَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ ذَهَبَ بِالطَّبْخِ شَيْءٌ، فَيَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَمْرًا، وَفِي غَيْرِ الْخَمْرِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا بِالسُّكْرِ. .
وَإِذَا اسْتَعَطَ الرَّجُلُ بِالْخَمْرِ، أَوْ اكْتَحَلَ بِهَا، أَوْ اقْتَطَرَهَا فِي أُذُنِهِ، أَوْ دَاوَى بِهَا جَائِفَةً، أَوْ آمَّةً، فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ يَعْتَمِدُ شُرْبَ الْخَمْرِ، وَهُوَ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ لَا يَصِيرُ شَارِبًا، وَلَيْسَ فِي طَبْعِهِ مَا يَدْعُوهُ إلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ لِتَقَعَ الْحَاجَةُ إلَى شَرْعِ الزَّاجِرِ عَنْهُ.
وَلَوْ عَجَنَ دَوَاءً بِخَمْرٍ، وَلَتَّهُ، أَوْ جَعَلَهَا أَحَدَ أَخْلَاطِ الدَّوَاءِ، ثُمَّ شَرِبَهَا، وَالدَّوَاءُ هُوَ الْغَالِبُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْخَمْرُ هِيَ الْغَالِبَةُ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِالْغَالِبِ إذَا كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ التَّعْزِيرِ.]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ذُكِرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: لَا يُبْلَغُ بِالتَّعْزِيرِ أَرْبَعُونَ سَوْطًا، وَبِهِ أَخَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute