للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِرْهَمٍ أُخْرَى مِنْ الْأَجْرِ فَإِنَّمَا تَمَّتْ السَّنَةُ وَفِي مِلْكِهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ أُخْرَى فَعَلَيْهِ زَكَاةُ سِتِّمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ الْحَوْلُ وَفِي مِلْكِهِ سِتُّمِائَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ لِلسَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَهُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَالْكُسُورُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا فَإِنَّمَا يُزَكِّي عِنْدَهُ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا.

(قَالَ): رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ضَمِنَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِ ثُمَّ أَبْرَأَ مِنْهُ الْأَصِيلَ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الَّذِي كَانَ لَهُ الْمَالُ، وَلَا عَلَى الضَّامِنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَمَّا الَّذِي لَهُ أَصْلُ الْمَالِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلزَّكَاةِ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْيُونُ عَنِيًا أَوْ فَقِيرًا وَأَمَّا عَلَى الضَّامِنِ فَلِأَنَّ الْمَالَ قَدْ وَجَبَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصِيلِ عِنْدَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِقَدْرِ مَالِهِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ وَمَالُ الْمَدْيُونِ لَا يَكُونُ نِصَابَ الزَّكَاةِ فَلِهَذَا لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الدَّيْنُ بِالْإِبْرَاءِ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ زَكَاةِ الْأَرَضِينَ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ]

(قَالَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ عُشْرِيَّةٌ فَمَنَحَهَا لِمُسْلِمٍ فَزَرَعَهَا فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ وَالْخَارِجُ سُلِّمَ لِلْمُسْتَعِيرِ بِغَيْرِ عِوَضٍ الْتَزَمَهُ فَيَكُونُ هَذَا وَالْخَارِجُ مِنْ مِلْكِهِ فِي حَقِّهِ سَوَاءً. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعُشْرَ عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ فَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ الْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ إلَّا أَنَّهُ فَرَّقَ مَا بَيْنَ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْعُشْرِ حُصُولُ النَّمَاءِ حَقِيقَةً وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمُعِيرَ آثَرَ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى نَفْسِهِ فِي تَحْصِيلِ النَّمَاءِ فَيَكُونُ مُسْتَهْلِكًا مَحَلَّ حَقِّ الْفُقَرَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ زَرَعَ الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ وَهَبَ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِهِ (قَالَ: وَلَوْ مَنَحَهَا لِرَجُلٍ كَافِرٍ) فَعُشْرُهَا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هُنَا مَنَحَهَا مَنْ لَا عُشْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْعُشْرِ مَعْنَى الصَّدَقَةِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَصِيرُ بِهِ مُسْتَهْلِكًا مَحَلَّ حَقِّ الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْأَوَّلِ إنَّمَا يَمْنَحُهَا لِمُسْلِمٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَلْزَمَهُ الْعُشْرُ فَلَا يَصِيرُ مُسْتَهْلِكًا بَلْ يَكُونُ مُحَوِّلًا حَقَّهُمْ مِنْ نَفْسِهِ إلَى غَيْرِهِ (قَالَ): وَلَوْ غَصَبَهَا مُسْلِمٌ فَزَرَعَهَا فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ نَقَصَهَا فَالْعُشْرُ عَلَى رَبِّهَا؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ لِنُقْصَانِ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ يُسَلِّمُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَيَلْزَمُهُ الْعُشْرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا الْعُشْرُ فِي الْخَارِجِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَجَرَهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>