مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ قَبْلَ أَيَّامِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ دَمًا عَقِيبَ طُهْرٍ صَحِيحٍ لَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ حَتَّى إذَا صَلَّتْ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّهْرِ الْمُتَقَدِّمِ بِالدَّمِ لَا يُبَدَّلُ لَهَا قَبْلَ أَيَّامِهَا.
بَيَانُهُ: امْرَأَةٌ حَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا ثُمَّ طَهُرَتْ أَيَّامَهَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجْعَلُ الْخَمْسَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ حَيْضَهَا بَدَلًا عَنْ أَيَّامِهَا، وَلَوْ طَهُرَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ رَأَتْ سِتَّةً دَمًا ثُمَّ طَهُرَتْ أَيَّامَهَا لَمْ يُبَدَّلْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهَا صَلَّتْ فِي يَوْمٍ مِنْهُ بِالدَّمِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَدَّلُ لَهَا مِثْلُ أَيَّامِهَا أَوْ أَقَلُّ مِنْ أَيَّامِهَا بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَدَّلَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ أَيَّامِهَا إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ طُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَا اسْتِمْرَارَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى جَعْلِ الزِّيَادَةِ حَيْضًا ابْتِدَاءً فَمَا لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا بَيْنَ طُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا ابْتِدَاءً فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِبْدَالُ قَبْلَ أَيَّامِهَا، وَبَعْدَ أَيَّامِهَا يُبَدَّلُ لَهَا قَبْلَ أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُهُمَا إمْكَانًا وَبَيَانُهُ إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ ثَلَاثَةً، وَفِي الطُّهْرِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَطَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ ثَلَاثَةً ثُمَّ طَهُرَتْ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ فَإِنَّهَا لَمْ تَرَ فِي أَيَّامِهَا شَيْئًا فَتُبَدَّلُ لَهَا الثَّلَاثَةُ الَّتِي رَأَتْهَا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهَا مَرْئِيَّةٌ بَعْدَ طُهْرٍ صَحِيحٍ فَكَانَ إمْكَانُ الْبَدَلِ فِيهِ قَائِمًا فَلِهَذَا يُبَدَّلُ لَهَا تِلْكَ الثَّلَاثَةُ دُونَ مَا رَأَتْهُ بَعْدَ أَيَّامِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
[بَابُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ]
(قَالَ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اعْلَمْ بِأَنَّ صَاحِبَةَ الْعَادَةِ الْمَعْرُوفَةِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ زِيَادَةً عَلَى عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ تَجْعَلُ ذَلِكَ حَيْضًا مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَإِنْ جَاوَزَ رُدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا فَيُجْعَلُ ذَلِكَ حَيْضَهَا وَمَا سِوَاهُ اسْتِحَاضَةٌ؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْمَرْأَةِ لَا يَكُونُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ فَيَزْدَادُ حَيْضُهَا تَارَةً بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ طَبْعِهَا، وَيَنْقُصُ أُخْرَى بِضَعْفِ طَبْعِهَا، وَأَمْرُ الْحَيْضِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِمْكَانِ فَإِذَا لَمْ تُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَالْإِمْكَانُ قَائِمٌ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَقَدْ صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً لَمَّا رَأَتْ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا»؛ وَلِأَنَّ مَا رَأَتْهُ بَعْدَ مَعْرُوفِهَا تَبَعٌ لِمَعْرُوفِهَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ وَحُكْمُ التَّبَعِ حُكْمُ الْمَتْبُوعِ فَأَمَّا بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ تَجَاذَبَهُ جَانِبَانِ فَإِنَّ اعْتِبَارَهُ بِأَيَّامِهَا يَجْعَلُهُ حَيْضًا وَاعْتِبَارُهُ بِمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ يَجْعَلُهُ اسْتِحَاضَةً فَيَتَرَجَّحُ هَذَا الْجَانِبُ؛ لِأَنَّهُ مَا ظَهَرَ إلَّا عِنْدَ ظُهُورِ هَذِهِ الِاسْتِحَاضَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute