للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ تَعَالَى الْأَمْرَ عَلَيْنَا فَلَا نُضَيِّقُ عَلَى أَنْفُسِنَا، وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا الَّذِي ثَبَتَ لَك فِي الْكِتَابِ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِيَ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَبِذَلِكَ كُلِّهِ نَأْخُذُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إمْلَاءً يَوْمَ الْخَمِيسِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَة سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ

اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ هَلْ هُوَ مِنْ تَصْنِيفِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمْ لَا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ لَيْسَ مِنْ تَصْنِيفِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا صَنَّفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَنَسَبَهُ إلَيْهِ لِيَرُوجَ بِهِ، وَفِي أَلْفَاظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ ذَكَرَ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ سَبَبَ الْوَطْءِ الْحَرَامِ قَالَ: وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا كَانَ يُصَحِّحُ الْجَوَابَ فِي مُصَنَّفَاتِهِ فِي الْأَحْكَامِ خُصُوصًا فِيمَا فِيهِ نَصٌّ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَصْنِيفَاتِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: وَهُوَ مِنْ تَصْنِيفَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَوَائِلِ تَصْنِيفَاتِهِ وَلِكُلِّ دَاخِلٍ دَهْشَةٌ.

وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ كَانَ صَنَّفَ الْكُتُبَ مَرَّةً ثُمَّ أَعَادَهَا إلَّا قَلِيلًا مِنْهَا فَهَذَا الْكِتَابُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَعَادَ اكْتَفَى فِي أَحْكَامِ الرَّضَاعِ بِمَا أَوْرَدَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَاكْتَفَى الْحَاكِمُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا بِذَلِكَ فَلَمْ يُفْرِدْ هَذَا الْكِتَابَ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَلَكِنِّي لَمَّا فَرَغْت مِنْ إمْلَاءِ شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَالطَّاقَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ وَأَتْبَعْته بِإِمْلَاءِ كِتَابِ الْكَسْبِ رَأَيْت الصَّوَابَ اتِّبَاعَ ذَلِكَ بِإِمْلَاءِ شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ فَفِيهِ بَعْضُ مَا لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَمَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى شَرْحٍ وَبَيَانٍ ثُمَّ إنَّهُ بَدَأَ الْكِتَابَ بِبَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ النِّسَاءِ فَقَالَ

أَسْبَابُ حُرْمَةِ النِّسَاءِ ثَلَاثَةٌ النَّسَبُ وَالصِّهْرُ وَالرَّضَاعُ وَالْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ سَبْعَةٌ، وَذَلِكَ يُتْلَى فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: ٢٣]

وَالْمُصَاهَرَةُ كَالنَّسَبِ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ بِهَا بِطَرِيقِ الْإِكْرَامِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ {وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>