للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ مِيرَاثٍ وَيَكْتُبُ إلَيْهِ عَجَّلْتُ نَصِيبَكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ عَلَى النَّاسِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ مَعْلُومٍ، وَهُوَ الْوَارِثُ الَّذِي عَجَّلَ لَهُ ذَلِكَ وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ لِلْمَعْلُومِ صَحِيحٌ.

وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ مِنْ مَتَاعِهِ وَمِيرَاثِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ أَثْوَابٍ وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ يَوْمَ مَاتَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ ثَوْبٍ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ فِي بَيَانِهِ قَوْلُهُ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي مَنْزِلِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ قَبْضُ الْوَصِيِّ لِذَلِكَ فَمَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّ الْوَصِيَّ قَبَضَ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقَبْضِ هُنَا مُطْلَقًا مُوجِبٌ بَرَاءَةَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْكُلِّ فَقَوْلُ الْوَصِيِّ مُتْلِفٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي بَيَّنَهُ مَفْصُولًا وَهُنَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِ جَمِيعِ مَا فِي الْمَنْزِلِ مُطْلَقًا لَا يُوجِبُ إتْلَافَ شَيْءٍ مِنْ الْأَعْيَانِ وَقَوْلُهُ فِي بَيَانِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ مَقْبُولٌ لِمَا بَيَّنَّا فَلَا يَكُونُ هُوَ ضَامِنًا لِمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهُ، وَلَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مَا فِي ضَيْعَةِ فُلَانٍ مِنْ طَعَامٍ وَمَا فِي نَخْلَةِ هَذَا مِنْ ثَمَرٍ وَأَنَّهُ قَبَضَ زَرْعَ هَذِهِ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ كَذَا وَادَّعَى الْوَارِثُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ لَا يُوجِبُ إتْلَافَ شَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا مَا يَثْبُتُ قَبْضُهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ قَبْضُهُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ قَبَضَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ وَالْعَيْبِ فِيهِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ هَذَا وَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إذَا جَحَدَ الْمُشْتَرِي الْإِبْرَاءَ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَوُجُوبُ الْعَيْبِ يُثْبِتُ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الرَّدِّ فَالْبَائِعُ يَدَّعِي عَلَيْهِ إسْقَاطَ حَقِّهِ بَعْدَ مَا ظَهَرَ سَبَبُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ فَوَاتُ وَصْفٍ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْوَصْفُ يُسْتَحَقُّ بِاسْتِحْقَاقِ الْأَصْلِ فَصَارَ ذَلِكَ الْجُزْءُ حَقًّا لِلْمُشْتَرِي بِاسْتِحْقَاقِهِ أَصْلَ الْمَبِيعِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي بُطْلَانَ اسْتِحْقَاقِهِ بَعْدَ ظُهُورِ سَبَبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا أَبْرَأَهُ وَلَا رَضِيَ بِهِ وَلَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يَسْتَحْلِفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>