لِأَنَّهُ كَسُؤْرِ الْحِمَارِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّ النَّبِيذَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْطَعُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ عِنْدَهُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ فَتَنْتَقِضُ صَلَاتُهُ بِوُجُودِهِ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَسْتَقْبِلُ وَإِنْ وَجَدَ سُؤْرَ الْحِمَارِ وَالنَّبِيذَ جَمِيعًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَيَتَوَضَّأُ بِهِمَا ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ؛ لِأَنَّ سُؤْرَ الْحِمَارِ إنْ كَانَ طَاهِرًا فَالنَّبِيذُ مَعَهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ فَلِهَذَا تَوَضَّأَ بِهِمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ فَإِذَا فَرَغَ تَوَضَّأَ بِهِمَا وَأَعَادَ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا.
[فَصْلٌ فِي ذَكَرِ الْمَسَائِلِ الْمَعْدُودَة لِأَبِي حَنِيفَةَ]
- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا فَرَغَ الْمُصَلِّي مِنْ تَشَهُّدِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى انْقَضَى وَقْتُ مَسْحِهِ أَوْ وَجَدَ فِي خُفِّهِ شَيْئًا فَنَزَعَهُ فَانْتَقَضَ بِهِ مَسْحُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَكَذَلِكَ الْمُتَيَمِّمُ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَمُصَلِّي الْجُمُعَةِ إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا وَمُصَلِّي الْفَجْرِ إذَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَالْعَارِي إذَا وَجَدَ ثَوْبًا وَالْأُمِّيُّ إذَا تَعَلَّمَ الْقِرَاءَةَ وَالْقَارِئُ إذَا اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا وَالْمُومِئُ إذَا قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمُصَلِّيَ إذَا تَذَكَّرَ الْفَائِتَةَ وَصَاحِبُ الْجُرْحِ السَّائِلِ إذَا بَرِئَ جُرْحُهُ أَوْ ذَهَبَ وَقْتُهُ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَةُ وَمُصَلِّي الْفَائِتَةِ إذَا تَغَيَّرَتْ الشَّمْسُ.
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَدْ مَضَتْ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِهَا عَنْهَا وَجَازَتْ عَنْهُ. فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ تَبْتَنِي عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاحْتِجَاجُهُمَا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا رَفَعَ الْمُصَلِّي رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ سَجْدَةٍ وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ» وَلِأَنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ لَوْ تَكَلَّمَ أَوْ قَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ حَادَثَ الْمَرْأَةَ الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ وَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لَفَسَدَتْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا تَفْسُدُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ لَهَا تَحْرِيمٌ وَتَحْلِيلٌ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَامِ إلَّا بِصُنْعِهِ كَالْحَجِّ وَتَقْرِيرِهِ أَنَّ بَعْدَ التَّشَهُّدِ لَوْ أَرَادَ اسْتِدَامَةَ التَّحْرِيمَةِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ إلَى دُخُولِ صَلَاةٍ أُخْرَى مُنِعَ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ، وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَيْ قَارَبَ التَّمَامَ كَمَا قَالَ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ أَيْ قَارَبَ التَّمَامَ، وَالْكَلَامُ وَالْحَدَثُ الْعَمْدُ وَالْمُحَاذَاةُ وَالْقَهْقَهَةُ صُنْعٌ مِنْ جِهَتِهِ (فَإِنْ قِيلَ) فَنَزْعُ الْخُفِّ أَيْضًا صُنْعُهُ.
(قُلْنَا) هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute