مُدَّعِي النِّصْفِ تَنْصَرِفُ دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْآخَرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَإِنْ كَانَ سُفْلُهَا فِي يَدِ رَجُلٍ، وَعُلُوُّهَا فِي يَدِ آخَرَ وَطَرِيقُ الْعُلُوِّ فِي السَّاحَةِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الدَّارَ لَهُ فَالدَّارُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ إلَّا الْعُلُوَّ وَطَرِيقَهُ فَإِنَّهُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ فِي يَدِ صَاحِبِ الْعُلُوِّ، وَكَذَلِكَ طَرِيقُهُ فِي السُّفْلِ فَإِنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ بِالتَّطَرُّقِ فِيهِ إلَى عُلُوِّهِ فَأَمَّا السُّفْلُ وَالسَّاحَةُ فَفِي يَدِ صَاحِبِ السُّفْلِ؛ لِأَنَّ هُوَ الْمُسْتَعْمِلُ لِلسَّاحَةِ بِوَضْعِ أَمْتِعَتِهِ وَصَبِّ وُضُوئِهِ، وَكَسْرِ حَطَبِهِ فِيهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ تَرْجِيحًا لِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ
قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ وَالثَّالِثُ السُّدُسَ وَجَحَدَ بَعْضُهُمْ دَعْوَى الْبَعْضِ فَإِنَّ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الثُّلُثَ، فَالثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي السُّدُسِ لَهُ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَ مِنْ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ نِصْفَ سُدُسِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي النِّصْفَ، وَفِي يَدِهِ الثُّلُثُ فَمَا زَادَ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ هُوَ السُّدُسُ يَدَّعِيهِ، وَفِي يَدِ صَاحِبَيْهِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا يَصْرِفُ دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَخَذَ مِنْ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ السُّدُسِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ نِصْفَ مَا فِي يَدِ مُدَّعِي السُّدُسِ هُوَ لَا يَدَّعِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفَ دَعْوَى مُدَّعِي النِّصْفِ إلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ ذَلِكَ السُّدُسَ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَدَّعِي بَعْضَ ذَلِكَ فِي يَدِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَكَيْفَ يَأْخُذُهُ مِنْ يَدِ مُدَّعِي السُّدُسِ وَهُوَ إنَّمَا يَدَّعِيهِ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنَّ بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِ الثُّلُثِ كَانَ صَاحِبُ الثُّلُثِ مُنَازِعًا لَهُ فِي هَذَا السُّدُسِ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِ السُّدُسِ وَهُوَ لَا يَدَّعِيهِ، وَمَعَ تَمَكُّنِ الْمُنَازَعَةِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ]
(بَابُ دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ) (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْنِ فَادَّعَاهُ صَاحِبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّارَيْنِ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَسْتَحِقُّ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ تَرْجِيحًا عَلَى صَاحِبِهِ)؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْجُذُوعِ مُحْتَمِلٌ قَدْ يَكُونُ عَنْ مِلْكٍ، وَقَدْ يَكُونُ عَنْ اسْتِعَارَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ عَنْ غَصْبٍ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً.
وَلَنَا أَنَّ وَاضِعَ الْجُذُوعِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ بِوَضْعِ حَمْلِهِ عَلَيْهِ، وَالِاسْتِعْمَالُ يَدٌ وَعِنْدَ تَعَارُضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute