لِأَنَّهُمَا أَعْتَقَاهُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَاءُ الْوَلَدِ كُلُّهُ لِمُعْتِقِ الْوَلَدِ.
وَإِنْ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا مَا فِي الْبَطْنِ ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ الْأُمَّ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَنِيٌّ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ فَإِنَّ الَّذِي أَعْتَقَ الْأُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهَا وَيَكُونُ وَلَاءُ الْأُمِّ لِلَّذِي أَعْتَقَهَا لِمَا بَيَّنَّا وَوَلَاءُ الْوَلَدِ لَهُمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمُدَبَّرِ اقْتَصَرَ عَلَى نَصِيبِهِ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ وَلَاءِ الْوَلَدِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ الْوَلَدِ إنَّمَا عَتَقَ بِإِعْتَاقِ الشَّرِيكِ الَّذِي أَعْتَقَ الْأُمَّ فَلِهَذَا كَانَ وَلَاءُ الْوَلَدِ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى التَّدْبِيرُ لَا يَتَجَزَّأُ فَصَارَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا لِلَّذِي دَبَّرَهُ وَاسْتَحَقَّ وَلَاءَ جَمِيعِهِ وَيَكُونُ هُوَ ضَامِنًا نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِشَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، ثُمَّ الشَّرِيكُ بِإِعْتَاقِ الْأُمِّ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَوَلَاءُ الْأُمِّ لِمَنْ أَعْتَقَهَا وَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِلْمُدَبِّرِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُ وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْأُمِّ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ وَلَاءُ الْوَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى الْمَالِ]
(قَالَ) رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالِ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ كَذَا فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا قَبِلَهُ الْعَبْدُ فَهُوَ حُرٌّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِقَبُولِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْتِزَامَ الْمَالِ مِنْ الْعَبْدِ بِمُقَابَلَةِ الْعِتْقِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ بِقَبُولِهِ وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَمْلِكَ مَالِيَّةَ نَفْسِهِ فَيَبْطُلَ مِلْكُ الْمَالِيَّةِ بِإِعْتَاقِ الْمَوْلَى وَتَحْدُثَ الْقُوَّةُ لِلْعَبْدِ بِإِيجَابِ الْمَوْلَى وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْوَلَاءِ بِعِوَضٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِقَبُولِهِ وَقَدْ كَانَتْ لَهُ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِلِالْتِزَامِ فِيهَا وَتَأَيَّدَتْ بِالْعِتْقِ، وَيَجُوزُ وُجُوبُ الْمَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مِلْكِ الْمَوْلَى كَمَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِقَبُولِ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْقَاتِلِ بِقَبُولِ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِمُقَابَلَتِهِ وَلِهَذَا كُلُّ مَا يَصْلُحُ الْتِزَامُهُ عِوَضًا فِي الطَّلَاقِ يَصْلُحُ الْتِزَامُهُ عِوَضًا هُنَا
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَالِ فِي جِنْسِهِ أَوْ مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِاتِّفَاقِهِمَا وَالْمَالُ عَلَيْهِ لِلْمَوْلَى فَالْقَوْلُ فِي بَيَانِهِ قَوْلُهُ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى إمَّا لِإِثْبَاتِهِ الزِّيَادَةَ أَوْ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ حَقَّ نَفْسِهِ بِبَيِّنَةٍ
وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى أَعْتَقْتُك أَمْسِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تُقْبَلْ وَقَالَ الْعَبْدُ قَبِلْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِقَبُولِهِ الْمَالَ وَهُوَ يَتِمُّ بِالْمَوْلَى وَلِهَذَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute