مَنْ تَكَلَّفَ لِتَصْحِيحِ جَوَابِ الْكِتَابِ فَقَالَ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ مَقْصُودَةٌ بِالْعِتْقِ فِي حَالٍ فَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ هَذَا جَانِبُ التَّبَعِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ جَانِبِ التَّبَعِيَّةِ فَإِحْدَاهُمَا تَعْتِقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَعْتِقُ نِصْفُهَا ثُمَّ هَذَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَاءِ حَالِهِمَا فَإِنَّمَا يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُهَا وَلَكِنْ هَذَا يَكُونُ مُخَالِفًا فِي التَّخْرِيجِ لِلْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ إذًا فَالْأَصَحُّ مَا قَالَهُ أَبُو عِصْمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا مَا فِي بَطْنِهَا وَهُوَ غَنِيٌّ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ غُلَامًا مَيِّتًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ لِأَنَّ نُفُوذَ عِتْقِهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ حَيَاةِ الْجَنِينِ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا حِينَ انْفَصَلَ مَيِّتًا وَالضَّمَانُ بِالشَّكِّ لَا يَجِبُ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَعَلَى الضَّارِبِ مَا فِي جَنِينِ الْأَمَةِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ غُلَامًا وَعُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ جَارِيَةً وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعِتْقَ عِنْدَهُ يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِ الْمُعْتِقِ مِنْ الْجَنِينِ وَيَبْقَى الرِّقُّ فِيهِ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الضَّارِبِ مَا فِي جَنِينِ الْأَمَةِ ثُمَّ يَكُونُ عَلَى الْمُعْتِقِ نِصْفُ ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَا وَجَبَ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الضَّارِبِ فَيَتَقَدَّرُ حُكْمُ الضَّمَانِ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَلِهَذَا كَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ نِصْفُ ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ فِيمَا أَدَّى الضَّارِبُ لِأَنَّهُ بَدَلُ نَفْسِهِ فَيَكُونُ تَرِكَةً لَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا ضَمِنَ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ فِيمَا تَرَكَهُ مُعْتَقُ الْبَعْضِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ الْبَاقِي مِيرَاثٌ عَنْهُ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَقْرَبُ مِنْهُ مِنْ أَخٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِي جَمِيعِهِ لِلْمُعْتِقِ حِينَ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَى الضَّارِبِ مَا يَجِبُ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ لِأَنَّ الْعِتْقَ عِنْدَهُمَا لَا يَتَجَزَّأُ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ مِيرَاثًا بِوَلَائِهِ وَيَكُونُ عَلَى الْمُعْتِقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ مُعْتَبَرًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعِتْقِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِوَقْتِ الْعَتَاقِ وَلَكِنْ يَتَعَذَّرُ الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُجْتَنًّا فِي الْبَطْنِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِأَقْرَبِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ وَذَلِكَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ بَطْنَهَا أَحَدٌ وَلَكِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ بِيَوْمٍ وَلَدًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَى الْمُعْتِقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مُعْتَبَرًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ لِمَا بَيَّنَّا فَإِنْ لَمْ تَلِدْ حَتَّى أَعْتَقَ الْآخَرُ الْأُمَّ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ وَلَدَتْ فَاخْتَارَ شَرِيكُهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَعْدَ إعْتَاقِ الْجَنِينِ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ فِي الْأُمِّ وَقَدْ أَفْسَدَ شَرِيكُهُ ذَلِكَ حِينَ أَعْتَقَهَا فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَيَرْجِعَ بِذَلِكَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمَةِ، وَوَلَاءُ الْأَمَةِ لِلَّذِي أَعْتَقَهَا وَوَلَاءُ الْوَلَدِ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute