[بَابُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فِي الْحَيَوَانِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) فَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَبْدًا، ثُمَّ أَنْكَرَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ كَمَا يَقْضِي فِي الْمَهْرِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إقْرَارُهُ بِالْعَبْدِ دَيْنًا عَلَيْهِ كَإِقْرَارِهِ بِغَصْبِ عَبْدٍ هُوَ عَيْنٌ فِي يَدِهِ، وَذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ بِهِ وَصْفٌ بَلْ عَلَى أَيِّ وَصْفٍ بَيَّنَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ فِيهِ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَلِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مَجْهُولٌ فَيَكُونُ الْبَيَانُ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَيَّنُ لِوُجُوبِ الْمُقَرِّ بِهِ سَبَبٌ هَذَا لِمُطْلَقِ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي إقْرَارِهِ لِسَبَبٍ وَبَيْنَ الْأَسْبَابِ مُعَارَضَةٌ فَلَا تَتَعَيَّنُ وَتَعْيِينُ صِفَةِ الْوَسَطِ بِتَعْيِينِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَبْدِ مُطْلَقًا فَيُضْرَبُ مُطْلَقُ الْإِقْرَارِ إلَى السَّبَبِ الَّذِي يُثْبِتُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُطْلَقُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. وَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ وَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَأَقَرَّ لِامْرَأَةٍ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ صَدَاقًا وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ تَعَيَّنَ فِيهِ الْوَسَطُ فَكَذَلِكَ هُنَا. وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ بِهِ لِرَجُلٍ فَلَعَلَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ زَوَّجَهُ ثَلَاثَةً عَلَى عَبْدِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ فَصَارَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِلْأَبِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُقِرَّ امْرَأَةٌ فَلَعَلَّهَا ضَمِنَتْ الصَّدَاقَ عَنْ الزَّوْجِ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَنْكُوحَةُ فَصَارَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِأَبِيهَا عَلَى الضَّامِنَةِ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُطْلَقَ كَمَا يَثْبُتُ صَدَاقًا يَثْبُتُ فِي الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْوَسَطُ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ الْوَاجِبُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ فَأَيُّهُمَا أَتَى بِهِ جُبِرَ الطَّالِبُ عَلَى قَبُولِهِ فَبِالْإِقْرَارِ تَثْبُتُ هَذِهِ الصِّفَةُ أَيْضًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ تَنْبَنِي عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُطْلَقُ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ يَنْصَرِفُ إلَى الْتِزَامٍ بِسَبَبِ عَقْدٍ مَشْرُوعٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْجِهَةُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْجَنِينِ.
وَإِذَا قَالَ لَهُ عَبْدٌ فُرِضَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَظَاهِرٌ. وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْقَرْضِ. وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ مَعَ تَعْيِينِ الْعُقُودِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْحَيَوَانُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَتَتَعَيَّنُ الصِّفَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ، فَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُهُ بَقِيَ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ عَبْدِهِ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ وَاسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَالْمَقْبُوضُ يَصِيرُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ كَالْمَغْصُوبِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ كَانَ الْقَوْلُ فِي تَعْيِينِهِ قَوْلَهُ وَلَوْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ قِيمَتِهِ قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَابَّةٌ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ أَيِّ الدَّوَابِّ لِأَنَّ اسْمَ الدَّابَّةِ يَتَنَاوَلُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute