لِجَارِيَتِهِ قُولِي: إنَّ الشَّيْخَ قَدْ رَكِبَ وَرُبَّمَا يَقُولُ لَهَا: اضْرِبِي قَدَمَكِ عَلَى الْأَرْضِ وَقُولِي: لَيْسَ الشَّيْخُ هُنَا أَيْ تَحْتَ قَدَمِي.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا وَمُرَادُهُ بِهَذَا الْمُبَالَغَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَقَالَ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ» فَالْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ كَاذِبًا أَوْ صَادِقًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الرُّخْصَةَ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَاذِبًا، فَإِنَّ الْكَذِبَ حَرَامٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَكِّدَهُ بِالْيَمِينِ فَكَيْفَ يُرَخِّصُ فِيهِ مَعَ التَّأْكِيدِ بِالْيَمِينِ وَقَدْ أَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي خَبَرِهِ، فَهُوَ مُعَظِّمٌ اسْمَ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي حَلِفِهِ، وَيَرْوُونَ فِيهِ حَدِيثًا عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَكَانَ كَاذِبًا فِي يَمِينِهِ فَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَنَّهُ غَفَرَ لَهُ ذَلِكَ بِتَوْحِيدِهِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ.
وَذُكِرَ عَنْ إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إذَا كَانَ مَظْلُومًا، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَيَقُولُ: الْمَظْلُومُ يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ شَرْعًا فِي وَإِنَّمَا يَحْلِفُ لَهُ لِيَدْفَعَ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ فَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِي ذَلِكَ، وَالظَّالِمُ مَأْمُورٌ شَرْعًا بِالْكَفِّ عَنْ الظُّلْمِ وَاتِّصَالِ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِي الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُسْتَحْلِفِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا كَانَ مُحِقًّا فَالْيَمِينُ مَشْرُوعَةٌ لِحَقِّهِ يَمْتَنِعُ الظَّالِمُ عَنْ الْيَمِينِ لِحَقِّهِ فَيَخْرُجُ مِنْ حَقِّهِ أَوْ يَهْلَكُ إنْ حَلَفَ كَاذِبًا كَمَا أَهْلَكَ حَقَّهُ فَيَكُونُ إهْلَاكًا بِمُقَابَلَةِ إهْلَاكٍ بِمَنْزِلَةِ الْقِصَاصِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ هَذَا إذَا اعْتَبَرْنَا نِيَّةَ الْمُسْتَحْلِفِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا فَالْيَمِينُ مَشْرُوعَةٌ لِحَقِّهِ، وَهَذَا رُجْحَانُ جَانِبِ الصِّدْقِ فِي حَقِّهِ، وَانْقِطَاعُ مُنَازَعَةِ الْمُدَّعِي مَعَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْحَالِفِ فِي ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ فِي الْيَمِينِ عِلْمُهُ أَيْضًا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَلَا يَسْتَثْنِي فَالْإِثْمُ وَالْبِرُّ فِيهِمَا عَلَى عِلْمِهِ يَعْنِي إذَا حَلَفَ، وَعِنْدَهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَكُنْ آثِمًا فِي يَمِينِهِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ يَمِينِ اللَّغْوِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ ظَالِمًا حِينَ كَانَ لَا يَعْلَمُ خِلَافَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَاعْتَبَرْنَا مَا عِنْدَهُ، وَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ فَهُوَ ظَالِمٌ فِي يَمِينِهِ فَيَكُونُ آثِمًا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةُ مَا عِنْدِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ الْإِجَارَةِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا سِنِينَ مَعْلُومَةً فَخَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَغْدِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute