الْخِرْقَةِ فَإِنَّ الرُّطُوبَةَ عَلَى الْخِرْقَةِ قَدْ تَتَغَيَّرُ مِنْ الْحُمْرَةِ إلَى الْكَدِرَةِ أَوْ مِنْ الْكَدِرَةِ إلَى الْخُضْرَةِ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَ الرَّفْعِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِوَاحِدٍ مِنْ الْحَالَيْنِ إنَّمَا الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّ الظُّهُورَ عِنْدَ ذَلِكَ يَحْصُلُ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْحَائِضِ إذَا تَغَيَّرَ اللَّوْنُ مِنْ الْحُمْرَةِ إلَى الْبَيَاضِ أَوْ مِنْ الْبَيَاضِ إلَى الْحُمْرَةِ فَالْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الرَّفْعِ، فَإِنْ رَأَتْ الْبَيَاضَ عِنْدَ الرَّفْعِ ثُمَّ تَغَيَّرَ إلَى الْحُمْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ إلَى الْخُضْرَةِ أَوْ إلَى الصُّفْرَةِ فَهَذَا انْقِطَاعٌ، وَإِنْ كَانَتْ كَدِرَةً عِنْدَ الرَّفْعِ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ إلَى الْبَيَاضِ فَهِيَ حَائِضٌ بَعْدُ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عِنْدَ رَفْعِ الْخِرْقَةِ يَكُونُ فَيُعْتَبَرُ اللَّوْنُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا مَرَّةً سِتًّا وَمَرَّةً خَمْسًا فَانْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ لِتَمَامِ الْخَمْسَةِ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي احْتِيَاطًا، وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَمْضِيَ الْيَوْمُ السَّادِسُ لِتَوَهُّمِ مُعَاوَدَةِ الدَّمِ، وَقَدْ تَأَيَّدَ هَذَا التَّوَهُّمُ بِدَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ كَانَ قَبْلَ هَذَا وَلَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ بِمُضِيِّ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى يَمْضِيَ الْيَوْمُ السَّادِسُ، وَعِنْدَ مُضِيِّهِ يَلْزَمُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فَتَأْخُذَ بِالِاحْتِيَاطِ فِي كُلِّ حُكْمٍ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ لُزُومُ الِاغْتِسَالِ عِنْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ السَّادِسِ فَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا لِتَمَامِ الْخَمْسَةِ، وَلَمْ تُبْتَلَ بِالِاسْتِمْرَارِ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ لِتَمَامِ الْخَمْسَةِ، وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِتَمَامِ السِّتَّةِ إذَا لَمْ يُعَاوِدْهَا الدَّمُ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَتْ لَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَلَكِنَّهَا اُبْتُلِيَتْ بِالِاسْتِمْرَارِ، وَتَرَدَّدَ رَأْيُهَا فِي الْحَيْضِ بَيْنَ الْخَمْسِ وَالسِّتِّ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[بَابُ النِّفَاسِ]
(بَابُ النِّفَاسِ) (قَالَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النِّفَاسُ هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ قِيلَ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ تَنَفَّسَ الرَّحِمُ بِهِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الدَّمِ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ الْوَلَدُ فَخُرُوجُهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ دَمٍ يَتَعَقَّبُهُ.
وَأَكْثَرُ مُدَّتِهِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا عِنْدَنَا، وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ، وَاعْتِمَادُنَا فِيهِ عَلَى السُّنَّةِ فَقَدْ رُوِيَ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كَانَتْ النُّفَسَاءُ يَقْعُدْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ مِنْ الْكَلَفِ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَا: «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا إلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ» وَلَا غَايَةَ لِأَقَلِّهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ «إلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ» حَتَّى إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا ثُمَّ طَهُرَتْ فَذَلِكَ الْيَوْمُ نِفَاسٌ لَهَا بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّ أَقَلَّهُ مُقَدَّرٌ؛ لِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مَا يَكُونُ مِنْ الرَّحِمِ وَلِدَمِ النِّفَاسِ دَلِيلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute