للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا): نَعَمْ وَلَكِنَّ هَذَا نَوْعٌ ظَاهِرٌ، وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ، وَالْمُكَاتَبُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْيَدِ عَلَى الْمَوْلَى فِي الْوَلَدِ، وَالظَّاهِرُ لِهَذَا لَا يَكْفِي فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَلِأَنَّهُ يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ بِبَيِّنَتِهَا، وَالْمَوْلَى يَنْفِي ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقَ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهَا بِبَيِّنَتِهَا تُثْبِتُ حُكْمَ الْكِتَابَةِ فِي الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ أَدَائِهَا، وَالْمَوْلَى يَنْفِي ذَلِكَ بِبَيِّنَتِهِ فَكَانَ الْمُثْبَتُ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ أَوْلَى كَمَا لَوْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي وَلَدِهَا هَذَا الِاخْتِلَافَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْجَارِيَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ إثْبَاتِ الْعِتْقِ لِلْوَلَدِ.

وَإِذَا مَاتَتْ الْمُكَاتَبَةُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ وَلَدُهَا، وَالْمَوْلَى فِي الْمُكَاتَبَةِ فَهُوَ كَاخْتِلَافِ الْمَوْلَى، وَالْأُمِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ قَامَ مَقَامَ الْأُمِّ فَاخْتِلَافُهُ مَعَ الْمَوْلَى فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْأُمِّ وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ أَنَّهُ أَدَّى الْبَدَلَ أَوْ أَنَّ الْأُمَّ أَدَّتْ الْبَدَلَ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِحُجَّةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ الْأُمُّ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُكَاتَبَةِ وَابْنِ الْمَوْلَى بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى.

وَلَوْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ مُسْلِمٌ وَشَهَادَةُ الْكَافِرِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمُسْلِمِ.

حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا ذِمِّيًّا وَكَاتَبَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِمَّنْ دَخَلَ مَعَهُ بِأَمَانٍ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَشَهَادَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا لَا تَكُونُ حُجَّةً كَشَهَادَةِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصِّدْقِ، وَالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ، وَالْمَآبُ.

[بَابُ مُكَاتَبَةِ الْمَرِيضِ]

(قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَرِيضٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نَجَّمَهَا عَلَيْهِ نُجُومًا وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنَّهُ يُخَيِّرُ الْعَبْدُ إنْ شَاءَ عَجَّلَ مَا زَادَ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ وَإِلَّا رُدَّ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ بِتَأْجِيلِ الْمَالِ عَلَيْهِ أَخَّرَ حَقَّ الْوَرَثَةِ إلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يَصِحُّ فِيمَا هُوَ مِنْ حَقِّهِمْ وَهَذَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَ التَّأْجِيلِ كَضَرَرِ الْإِبْطَالِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَيْلُولَةَ تَقَعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَ حَقِّهِمْ عَقِيبَ مَوْتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَجَّلَ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ يُعْتَبَرُ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ أَبْرَأَ، وَأَنَّ شُهُودَ التَّأْجِيلِ فِي الدَّيْنِ إذَا رَجَعُوا ضَمِنُوا كَشُهُودِ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ عَجَّلَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حُسِبَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ التَّنْجِيمَ كَانَ ثَابِتًا فِي جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>