للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَجَّلَ شَيْئًا عِنْدَ اعْتِرَاضِ الْوَرَثَةِ يَشِيعُ الْمُعَجَّلُ فِي جَمِيعِ النُّجُومِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِحِصَّتِهِ إذْ لَيْسَ بَعْضُ النُّجُومِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُؤَجَّلَ عَنْهُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ.

وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ عَجِّلْ ثُلُثَيْ الْأَلْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُقَالُ لَهُ عَجِّلْ ثُلُثَيْ قِيمَتِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ مَالَ الْمَوْلَى بَدَلُ الْكِتَابَةِ فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي قَدْرِ الثُّلُثِ وَمِنْ أَصْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ كَانَ الْمَرِيضُ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ لَا يَتَمَلَّكَهُ أَصْلًا فَإِذَا تَمَلَّكَهُ مُؤَجَّلًا لَا يَثْبُتُ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْأَجَلِ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ.

وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ قِيلَ لَهُ عَجِّلْ ثُلُثَيْ قِيمَتِكَ وَأَنْتَ حُرٌّ وَإِلَّا رَدَدْنَاكَ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِنِصْفِ الْمَالِ، وَالْمُحَابَاةُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِقَدْرِ ثُلُثِهِ وَإِذَا اسْتَغْرَقَتْ الْمُحَابَاةُ لِلثُّلُثِ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ التَّأْجِيلِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَيُؤْمَرُ بِأَنْ يُعَجِّلَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ أَوْ يُرَدَّ فِي الرِّقِّ رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي صِحَّتِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ عِنْدَ إقْرَارِ الْمَوْلَى بِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ مِنْهُ لَمَّا كَانَ الْعَقْدُ فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ لَا يُبْطِلُ الِاسْتِحْقَاقَ الثَّابِتَ لِلْمُكَاتِبِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ إنْسَانٍ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِقَدْرِ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهُ مَا اسْتَحَقَّ هُنَا بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ عِنْدَ إقْرَارِهِ، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ عِنْدَ إيصَالِ الْمَالِ إلَيْهِ ظَاهِرًا لِيَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ وَرَثَتِهِ كَمَا كَانَ حَقُّهُمْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ، ثُمَّ تَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْمُوَاضَعَةِ هُنَا أَنَّهُ قَصَدَ بِتَصَرُّفِهِ تَحْصِيلَ الْعِتْقِ لَهُ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ كَأَنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ مَكَانَ الْكِتَابَةِ؛ فَلِهَذَا كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ ثُلُثِهِ.

وَلَوْ كَاتَبَهُ فِي صِحَّتِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ مَا زَادَ عَلَى الْأَقَلِّ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بِأَنَّهُ لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَعْجِزَ نَفْسَهُ فَلَا يَكُونُ حَقُّهُ إلَّا فِي الْقِيمَةِ فَلِهَذَا يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ، وَالثُّلُثَانِ فِي الْأَقَلِّ وَهُوَ قِيمَتُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَلِأَنَّ إعْتَاقَهُ إيَّاهُ إبْطَالٌ لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ الْمُبْتَدَأَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى غَيْرُ الْمُعْتَقِ بِجِهَةِ الْكِتَابَةِ وَإِذَا كَانَ هَذَا إبْطَالًا لِلْكِتَابَةِ جُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يُكَاتِبْهُ وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ حُرٌّ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى هُوَ الْأَقَلُّ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ تَبَرُّعُهُ بِالْهِبَةِ مِنْ الثُّلُثِ فِيمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَقُّهُ وَهُوَ الْأَقَلُّ، وَفِي الْكِتَابِ قَالَ إنَّهُ مَتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>