الثُّلُثِ فَبَاعَهَا صَاحِبُ - الرَّقَبَةِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ الْغَلَّةِ الْبَيْعَ جَازَ وَبَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَحَقَّ صَاحِبِ الْغَلَّةِ فِي الْمَنْفَعَةِ فَإِجَازَتُهُ الْبَيْعَ تَكُونُ إبْطَالًا لِحَقِّهِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْآخَرُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ وَرَضِيَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَأَغَلَّ الْبُسْتَانُ سِنِينَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ شَيْءٌ إلَّا مَا يَكُونُ فِي الْبُسْتَانِ حِينَ يَمُوتُ أَوْ يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى الْبُسْتَانِ مِنْ الْغَلَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ مَا يَكُونُ مَوْجُودًا فِيهِ أَوْ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَى الْمُوصَى لَهُ الْبُسْتَانَ مِنْ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ الشِّرَاءُ، وَبَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ كَمَا لَوْ بَاعُوهُ مِنْ غَيْرِهِ بِرِضَاهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطُوهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّ لِلَّقِنِ مِنْ الْغَلَّةِ فَكَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْهُمْ مِنْ الْعِوَضِ.
وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ جَازَ فَذَلِكَ بِالْعِوَضِ وَكَذَلِكَ فِي سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ إذَا صَالَحُوهُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِعِوَضٍ، وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنْ الْمَنْفَعَةِ يَجُوزُ بِالْعِوَضِ وَغَيْرِ الْعِوَضِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ بِعِوَضٍ إذَا مَلَكَهُ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الْعِتْقِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَالَ: أَعْتِقُوهُ أَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ وَأَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تَحَاصَّا فِي الثُّلُثِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُبْدَأُ بِهِ إذَا قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَنْهُمَا أَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ أَلْبَتَّةَ أَوْ قَالَ: إنْ حَدَثَ لِي حَدَثٌ مِنْ مَرْضَى هَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَهَذَا يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عِتْقٍ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ وَقْتٍ، فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ بَلَغَنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَإِبْرَاهِيمَ قَالَا: إذَا كَانَ وَصِيَّةٌ وَعِتْقٌ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْعِتْقِ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعِتْقَ الَّذِي يَقَعُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ سَبَبُهُ يَلْزَمُهُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ عَنْهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ فِي قَوْلِهِ إنْ حَدَثَ لِي حَدَثٌ مِنْ مَرَضِي هَذَا، فَإِنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِبَيْعِ الرَّقَبَةِ.
وَلَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ فَإِنَّ سَبَبَهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا، وَلَكِنَّ الْحَرْفَ الصَّحِيحَ أَنْ يَقُولَ: مَا يَكُونُ مُنَفَّذًا عَقِيبَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّنْفِيذِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى أَسْبَقُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِنَفْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute