للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ قَضَى عَلَى الْوَلَدِ بِالسِّعَايَةِ فَكَذَلِكَ هُنَا فَإِنْ كَانَ نَجْمُ الْكِتَابَةِ إلَى سَنَةٍ فَقَضَى عَلَى الْوَلَدِ بِالسِّعَايَةِ فَعَجَزَ عَنْهَا عِنْدَ حَلِّهِ قَبْلَ حُلُولِ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأُمِّ وَلَوْ عَجَزَتْ هِيَ فِي حَيَاتِهَا عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ حَلَّ عَلَيْهَا رُدَّتْ فِي الرِّقِّ وَلَا يُلْتَفَت إلَى مَا لَهَا مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ حِلِّهِ فَقَبْلَ الْحُلُولِ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ فِي تَحَقُّقِ عَجْزِهَا حَتَّى تُرَدَّ فِي الرِّقِّ فَكَذَلِكَ وَلَدُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنْ رُدَّ فِي الرِّقِّ، ثُمَّ خَرَجَ الدَّيْنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ الْمُكَاتَبِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لَهُ؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهَا قَدْ بَطَلَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِرَدِّ الْوَلَدِ فِي الرِّقِّ فَهَذَا الْمَالُ كَسْبُ أَمَتِهِ فَيَكُونُ لِلْمَوْلَى مَعَ وَلَدِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ

[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ الصِّغَارِ]

(قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ الصِّغَارِ قَالَ هُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ عَبْدًا حَاضِرًا نَفْسَهُ أَوْ عَلَى غَائِبٍ جَازَ إذَا قَبِلَ الْغَائِبُ فَهَذَا مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَلَدَهُ إلَيْهِ أَقْرَبُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ إدْرَاكِ الْوَلَدِ أَوْ بَعْدَهُ فَرُدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ ذَلِكَ رَدًّا لِلْوَلَدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ صِغَارٌ عَاجِزُونَ عَنْ الْكَسْبِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ إنَّمَا الْمَالُ عَلَى الْأَبِ وَقَدْ تَحَقَّقَ عَجْزُهُ فَيُرَدُّ فِي الرِّقِّ وَيَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا فِي حَقِّ مَنْ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ تَبَعًا لَهُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي التَّبَعِ بِثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَيْنِ إذَا عَجَزَ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْآخَرَ مُطَالَبٌ بِالْمَالِ فَبِعَجْزِ أَحَدِهِمَا لَا يَظْهَرُ الْعَجْزُ فِي حَقِّ الْآخَرِ وَهُنَا الْأَوْلَادُ لَا يُطَالِبُونَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ مَمْلُوكٌ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ فِي إلْزَامِ الْمَالِ إيَّاهُمْ فَلِهَذَا يَتِمُّ الْعَجْزُ بِهِ كَمَا تَمَّ الْعَقْدُ بِقَبُولِهِ فَإِنْ أَدْرَكَ وَلَدُهُ فَقَالُوا نَحْنُ نَسْعَى فِي الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ قَدْ سَقَطَتْ بِرَدِّ الْأَبِ فِي الرِّقِّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا بَالِغِينَ حِينَ عَجَزَ الْأَبُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ فَقُدْرَتُهُمْ عَلَى السِّعَايَةِ وَعَجْزُهُمْ عَنْهَا سَوَاءٌ وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا سَعَوْا فِي الْمُكَاتَبَةِ عَلَى النُّجُومِ وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَثْبُتَ النُّجُومُ فِي حَقِّهِمْ وَلَكِنْ إنْ جَاءُوا بِالْمَالِ حَالًّا وَإِلَّا رُدُّوا فِي الرِّقِّ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْعَبْدِ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ إذَا مَاتَ الْحَاضِرُ وَلَكِنْ قَالَ هُنَا قَبُولُ الْأَبِ الْكِتَابَةَ فِي حَقِّ أَوْلَادِهِ صَحِيحٌ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى مَقْصُودِهِ وَعِتْقُ الْأَوْلَادِ مِنْ مَقَاصِدِهِ كَعِتْقِ نَفْسِهِ فَكَمَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ وَيَبْقَى بِاعْتِبَارِ بَقَائِهِ لِتَحْصِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>