للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَقْصُودِهِ فَكَذَلِكَ يَبْقَى بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَقَاصِدِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَا مَقْصُودَ لِلْحَاضِرِ فِي عِتْقِهِ.

تَوْضِيحُهُ: أَنَّ حَالَ الْأَوْلَادِ هُنَا كَحَالِ وَلَدٍ مَوْلُودٍ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدُ كَمَا حَدَثَ حَدَثَ مُكَاتَبًا وَهَذَا الْوَلَدُ كَمَا عَقَدَ عَقْدَ الْكِتَابَةِ صَارَ مُكَاتَبًا، ثُمَّ ذَلِكَ الْوَلَدُ يَسْعَى عَلَى النُّجُومِ فَهَذَا الْوَلَدُ مِثْلُهُ يُقَرِّرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْوِلَايَةِ، وَهُوَ الْأُبُوَّةُ ثَابِتٌ هُنَا حَتَّى إذَا تَمَّ سُقُوطُ حَقِّ الْمَوْلَى بِعِتْقِهِمَا كَانَ لَهُ الْوِلَايَةُ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُ السَّبَبِ أَيْضًا فِيمَا يَنْفَعُهُمَا وَلَا يَضُرُّ بِالْمَوْلَى، وَفِي الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَسْعَى فِي النُّجُومِ مَنْفَعَةً لَهُمَا فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى السِّعَايَةِ رُدُّوا فِي الرِّقِّ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِي حَقِّ الْأَبِ حِينَ لَمْ يُخْلِفْ مَا يُؤَدِّي بِهِ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَلَا مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ وَإِنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَيْهَا فَسَعَى بَعْضُهُمْ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَدَّاهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى إخْوَتِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مَا أَدَّى عَنْهُمْ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ وَإِنَّمَا أَدَّى عَنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَدَّى فِي حَيَاةِ الْأَبِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى إخْوَتِهِ بِشَيْءٍ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ ظَهَرَ لِلْأَبِ مَال كَانَ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ لِاسْتِنَادِ حُرِّيَّتِهِمْ إلَى مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ حُرِّيَّةُ أَبِيهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ مَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا أَدَّى إذْ لَمْ يَكُنْ مُطَالَبًا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ كَمَا فِي حَالِ حَيَاةِ الْأَبِ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّمَا يُؤَدِّي لِتَحْصِيلِ الْعِتْقِ لِنَفْسِهِ وَكَسْبُهُ فِيمَا يُؤَدِّي بِهِ الْبَدَلَ كَكَسْبِ أَبِيهِ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ بِالْمُؤَدَّى فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ وَكَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ بِجَمِيعِ الْمَالِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ أَبِيهِ، وَفِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْأَبِ كَانَ قَبُولُهُ صَحِيحًا فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ.

وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ لَا يُرْفَعُ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعْدُومًا فِي الِابْتِدَاءِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ وَاحِدَةٌ فِي حَقِّهِمْ، وَفِي حَقِّ الْأَبِ فَلَا يَعْتِقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِوُصُولِ جَمِيعِ الْمَالِ إلَى الْمَوْلَى فَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى بَعْضَهُمْ رُفِعَ عَنْهُمْ بِحِصَّةِ قِيمَةِ الْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْمَوْلَى بَعْضَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ مِنْهُ لِحِصَّتِهِ، وَفِيمَا يَرْجِعُ إلَى مَنْفَعَتِهِمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مِنْ الْبَدَلِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْقَابِلُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُضَافٌ إلَى الْكُلِّ قَصْدًا بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ إذَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَبَعًا فِي الْعَقْدِ وَشَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ لَا يُقَابِلُ التَّبَعَ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ جَارِيَةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا السَّيِّدُ أَخَذَتْ عُقْرَهَا، وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ عَلَى حَالِهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْجِزَ نَفْسَهَا لِمَكَانِ إخْوَتِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ أَدَّوْا عَتَقَتْ هِيَ أَيْضًا.

وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ كِبَارًا حِينَ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ وَأَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقُوا وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>