للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذِمَّتِهِ فَيَأْخُذُونَ ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ وَمَا أَدَّى مِنْ الْمُكَاتَبَةِ فَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ أَيْضًا وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى مَا أَتْلَفَ مَالِيَّتَهُمَا عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَا كَسْبَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ حَضَرَا رُدَّا فِي الرِّقِّ وَبِيعَا لِلْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِيَّةِ عَلَى الْغُرَمَاءِ يَكُونُ بِثُبُوتِ حَقِيقَةِ الْعِتْقِ فِي الرَّقَبَةِ أَوْ حَقِّ الْعِتْقِ وَبِمُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا احْتَمَلَ الْكِتَابَةَ الْفَسْخُ أَلَا تَرَى أَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ بِمَنْزِلَةِ حَقِّ الشَّرِيكِ وَلَوْ كَاتَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَلشَّرِيكُ الْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ شَيْئًا قَبْلَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَكَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ وَلَكِنَّهُمْ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوهُ قِيمَةَ هَذَا الْعَبْدِ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُمْ مِنْ بَيْعِهِ بِتَصَرُّفِهِ وَالتَّأْخِيرُ كَالْإِبْطَالِ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ وَلَوْ أَبْطَلَ حَقَّ الْبَيْعِ بِتَصَرُّفِهِ بِالتَّدْبِيرِ كَانَ ضَامِنًا لَهُمْ فَكَذَلِكَ إذَا أَخَّرَهُ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوهُ قِيمَةَ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِهِ لَيْسَ بِتَصَرُّفِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ تَمَكَّنُوا مِنْ بَيْعِهِ.

وَلَوْ حَضَرَ الْعَبْدَانِ فَأَجَازَ الْغُرَمَاءُ مُكَاتَبَةَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا الْآخَرَ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّ مُكَاتَبَتَهُمَا وَاحِدَةٌ فَإِجَازَتُهُمْ الْعَقْدَ فِي أَحَدِهِمَا يَكُونُ إجَازَةً فِي الْآخَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ]

(قَالَ): وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ وَصَايَا مِنْ تَدْبِيرٍ وَغَيْرِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا حُرًّا وَوَلَدًا وُلِدَ فِي الْمُكَاتَبَةِ مِنْ أَمَتِهِ بُدِئَ مِنْ تَرِكَتِهِ بِدُيُونِ الْأَجَانِبِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ أَقْوَى مِنْ دَيْنِ الْمَوْلَى حَتَّى يَبْقَى دَيْنُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَجْزِ دُونَ دَيْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ بِدَيْنِ الْمَوْلَى إنْ كَانَ ثُمَّ بِالْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْمَوْلَى أَقْوَى مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ إذْ لَيْسَ لِبَدَلِ الْكِتَابَةِ حُكْمُ الدَّيْنِ مَا لَمْ يَقْبِضْ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ عَنْ الْمُكَاتَبَةِ فَيُسْقِطُهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَمْلِكُ أَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ عَنْ سَائِرِ الدُّيُونِ سِوَى الْمُكَاتَبَةِ ثُمَّ بِالْمُكَاتَبَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ أُدِّيَتْ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَبَطَلَتْ وَصَايَاهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اسْتِنَادَ الْعِتْقِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حُكْمِ الْكِتَابَةِ دُونَ وَصَايَاهُ وَوَصَايَا الْمُكَاتَبِ فِي الْحَاصِلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

(أَحَدُهُمَا) أَنْ يُوصِيَ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْيَانِ كَسْبِهِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ أَدَّى الْكِتَابَةَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعَيْنِ يُرَاعَى قِيَامُ مِلْكِ الْمُوصِي وَقْتَ الْإِيصَاءِ وَمِلْكُهُ وَقْتَ الْإِيصَاءِ لَا يَحْتَمِلُ الْوَصِيَّةَ.

(وَالثَّانِي) أَنْ يَقُولَ إذَا عَتَقْتُ فَثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ لَكَ فَإِنْ أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةَ وَعَتَقَ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>