للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ فِيهَا، وَالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَقَدْ امْتَنَعَ عَلَى السَّاكِتِ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِ الشَّرِيكِ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ، وَالْحَبَلُ نُقْصَانٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ لَا زِيَادَةٌ فَإِنَّمَا يُضَمِّنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا حَامِلًا؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا، وَهِيَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي عِتْقِ الشُّرَكَاءِ]

(قَالَ) وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أَعْتَقَ الْعَبْدَ وَلَا يَدْرُونَ أَيُّهُمَا هُوَ وَجَحَدَ الْمَوْلَيَانِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُبَيِّنَا الْمُعْتِقَ مِنْهُمَا وَالْحُجَّةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ فَمَا لَا تَكُونُ مُبَيِّنَةً لَا تَكُونُ حُجَّةً وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجِبُ شَيْئًا بِدُونِ الْقَضَاءِ وَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْإِيجَابِ عَلَى الْمَجْهُولِ

فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ يَدَّعِي إمَّا الضَّمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ أَوْ السِّعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ فِي نَصِيبِهِ وَلَكِنَّ الرِّقَّ يَفْسُدُ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إفْسَادِ الرِّقِّ بِإِعْتَاقِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِفَسَادِ الرِّقِّ بِإِعْتَاقِ الشَّرِيكِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ عِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ السِّعَايَةِ فَالشَّاهِدُ مِنْهُمَا يَقُولُ: شَرِيكٌ مُعْتِقٌ وَلِي حَقُّ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ مَعَ يَسَارِهِ، وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَقُولُ: الشَّاهِدُ كَاذِبٌ وَلَا ضَمَانَ لِي عَلَيْهِ وَلَكِنْ لِي حَقُّ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ لِاحْتِبَاسِ نَصِيبِي عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يَسْعَى لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا يَسْعَى لِلشَّاهِدِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَدَّعِي السِّعَايَةَ مَعَ يَسَارِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَلَيْسَ بِمُعْتِقٍ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مَعَ يَسَارِهِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ تَبَرَّأَ مِنْ السِّعَايَةِ عِنْدَ يَسَارِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ مُعْتِقٌ ضَامِنٌ لِنَصِيبِي وَيَدَّعِي السِّعَايَةَ عِنْدَ عُسْرَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيَسْعَى لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ

وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَعَ آخَرَ عَلَى شَرِيكِهِ بِاسْتِيفَاءِ السِّعَايَةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ شَهِدَ لِعَبْدِهِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ لَهُمَا مَا دَامَ يَسْعَى وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ لِمَوْلَاهُ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فَلَعَلَّهُ قَصَدَ اسْتِخْلَاصَ كَسْبِهِ لِنَفْسِهِ بِشَهَادَتِهِ عَلَى صَاحِبِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ،

وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِغَصْبٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ شَيْءٍ يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ مَالٌ فَشَهَادَتُهُ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ لِعَبْدِهِ. عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَحُكِمَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى لَهُمْ فِي قِيمَتِهِ فَأَدَّى إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>