للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ بِمَنْزِلَةِ مَسْأَلَةِ أَوَّلِ الْبَابِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ عَبْدَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ هَذَا الْقَاتِلَ فَدُفِعَ بِهِ كَانَ رَهْنًا بِتِسْعِمِائَةٍ، وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْمَقْتُولِ إلَّا أَنْ قُدِّرَ أَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْنَيْنِ يَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ رَهْنًا فِي الِابْتِدَاءِ وَعَادَ رَهْنًا، كَمَا كَانَ وَمَا تَخَلَّلَ مِنْ الزَّوَالِ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ يَصِيرُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَكَأَنَّهُ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ فَيَسْقُطُ نُقْصَانُ الْعَيْنَيْنِ بِمَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيَفْتَكُّهُ بِمَا بَقِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ جِنَايَةِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ]

(بَابُ جِنَايَةِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ) (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَهُوَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَجَنَى عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ خَطَأٍ فِي نَفْسٍ أَوْ دُونِهَا فَالْجِنَايَةُ بَاطِلَةٌ، وَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ، وَجِنَايَةُ الْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ فِيمَا يُوجِبُ الْمَالَ يَكُونُ هَدَرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ بِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى وَمَالِيَّتُهُ فِيهِ فَإِذَا جَنَى عَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ لَهُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةُ لِلْقِصَاصِ فَالْمُسْتَحَقُّ بِهِ دَمُهُ، وَالْمَوْلَى مِنْ دَمِهِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ.

(أَلَا تَرَى): أَنَّ إقْرَارَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ بَاطِلٌ، وَبِالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ صَحِيحٌ، وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ بَاطِلٌ تَوْضِيحُهُ: أَنَّ الْجِنَايَةَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ عَلَى الْمَرْهُونِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِحَقِّ الْمَالِكِ، كَمَا قَبْلَ الرَّهْنِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَيْسَ فِي اعْتِبَارِ جِنَايَتِهِ عَلَى الرَّاهِنِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَكَانَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ كَأَنَّهُ لَيْسَ اعْتِبَارَ الْجِنَايَةِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْجِنَايَةُ عَلَى مَمْلُوكِ الرَّاهِنِ، أَوْ عَلَى مَتَاعِهِ فَلَيْسَ فِي اعْتِبَارِهَا مَنْفَعَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا لِحَقِّ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِهِ مَالِيَّتُهُ، فَلَا يُعْتَبَرُ أَصْلًا.

وَلَوْ كَانَ جَنَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونِهِمَا جِنَايَةَ خَطَأٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) هُوَ هَدَرٌ أَيْضًا.

وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ) هُوَ مُعْتَبَرٌ فَيُخَاطَبَانِ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ آخَرَ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا: أَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْعَيْنِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْجِنَايَةِ مِلْكُ الْعَبْدِ وَإِذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ مِنْهُ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ يَعْتَبِرُ جِنَايَتَهُ عَلَيْهِ كَمَا يَعْتَبِرُ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِمَا مُسْتَقِيمٌ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا: جِنَايَةُ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ مُعْتَبَرَةٌ، فَكَذَلِكَ جِنَايَةُ الْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ غَيْرَ مَالِكٍ ثُمَّ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ فَائِدَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا اخْتَارَا الدَّفْعَ تَمَلَّكَ الْمُرْتَهِنُ الْعَيْنَ أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُ إنْ كَانَ قُتِلَ

وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>