قَضَاءِ مَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ أَوْ بِتَحْصِيلِ عِوَضِهِ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ الثَّمَنُ فَيَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهِ كَمَنْ قَضَى بِنِصَابِ الزَّكَاةِ دَيْنًا عَلَيْهِ
(قَالَ) وَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى الْمُحْرِمِ غَيْرُ التَّقْصِيرِ فَبَدَأَ بِقَصِّ أَظْفَارِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ بَاقٍ مَا لَمْ يَحْلِقْ أَوْ يُقَصِّرْ فَفِعْلُهُ فِي قَصِّ الْأَظْفَارِ يَكُونُ جِنَايَةً عَلَى الْإِحْرَامِ، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ تَحَلُّلَ الْحَاجِّ يَكُونُ بِالرَّمْيِ فَقَصُّ الْأَظْفَارِ بَعْدَ الرَّمْيِ لَا يَكُونُ جِنَايَةً مِنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
[بَابُ كَفَّارَةِ قَصِّ الْأَظْفَارِ]
(بَابُ كَفَّارَةِ قَصِّ الْأَظْفَارِ) (قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا قَصَّ الْمُحْرِمُ أَظْفَارَ يَدَيْهِ، وَرِجْلَيْهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَنَا، وَقَالَ عَطَاءٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَصَّ الْأَظْفَارِ مِنْ الْفِطْرَةِ، وَلَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ فِي النَّهْيِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَكَانَ نَظِيرَ الْخِتَانِ، وَلَا بَأْسَ بِالْخِتَانِ فِي الْإِحْرَامِ فَكَذَلِكَ قَصُّ الْأَظْفَارِ، وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلِأَنَّ قَصَّ الْأَظْفَارِ مِنْ قَضَاءِ التَّفَثِ فَإِنَّهُ إزَالَةُ مَا يَنْمُو مِنْ الْبَدَنِ لِمَعْنَى الزِّينَةِ وَالرَّاحَةِ كَحَلْقِ الرَّأْسِ فَيَكُونُ مُؤَخَّرًا إلَى مَا بَعْدَ التَّحَلُّلِ، وَمُبَاشَرَتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ جِنَايَةٌ عَلَى الْإِحْرَامِ فَيُوجِبُ الْجَبْرَ بِالدَّمِ. وَإِنْ قَصَّ ظُفْرًا وَاحِدًا أَوْ ظُفْرَيْنِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظُفْرٍ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ دَمًا فَيَنْقُصَ عَنْهُ مَا شَاءَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي كُلِّ ظُفْرٍ خُمْسُ الدَّمِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الدَّمُ فِي قَصِّ خَمْسَةِ أَظْفَارٍ فَفِي كُلِّ ظُفْرٍ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ إنَّ جِنَايَتَهُ لَمْ تَتَكَامَلْ لِأَنَّ مَعْنَى الرَّاحَةِ وَالزِّينَةِ لَا يَحْصُلُ بِقَصِّ ظُفْرٍ أَوْ ظُفْرَيْنِ، وَالْجِنَايَةُ النَّاقِصَةُ فِي الْإِحْرَامِ تُوجِبُ الْجَبْرَ بِالصَّدَقَةِ.
(قَالَ) وَإِنْ قَصَّ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ لِكُلِّ ظُفْرٍ صَدَقَةٌ وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَصَّ أَظْفَارِ يَدٍ وَاحِدَةٍ يُوجِبُ الدَّمَ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْهَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْكَمَالِ فَالثَّلَاثُ أَكْثَرُ الْأَظْفَارِ مِنْ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ، وَلَكِنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا فَقَالَ: الدَّمُ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا يَجِبُ بِقَصِّ أَظْفَارِ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ وَالْيَدُ الْوَاحِدَةُ رُبْعُ ذَلِكَ فَتُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْكَمَالِ كَرُبْعِ الرَّأْسِ فِي الْحَلْقِ فَكَانَ هَذَا أَدْنَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّمُ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَامَ الْأَكْثَرُ فِيهِ مَقَامَ الْكَمَالِ إذْ لَوْ فَعَلَ أَدَّى إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى فَيُقَالُ: إذَا قَصَّ الظُّفْرَيْنِ فَقَدْ قَصَّ أَكْثَرَ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ إذَا قَصَّ ظُفْرًا أَوْ نِصْفًا فَقَدْ قَصَّ أَكْثَرَ الظُّفْرَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute