للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبِهِ، كَمَا فِي (الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) فَإِنْ دَفَعُوهُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِلشُّيُوعِ، فَبَطَلَ نِصْفُ الدَّيْنِ، فَكَانَ نِصْفُ الرَّاهِنِ بَيْنَهُمْ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ فَدَوْهُ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَعَلَى الرَّاهِنِ مِنْ ذَلِكَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ حِصَّةُ الْأَمَانَةِ مِمَّا انْقَلَبَ مَالًا مِنْ الْجِنَايَةِ وَعَلَى الْمُرْتَهِنِ الْبَاقِي سَهْمَانِ: حِصَّةُ الْمَضْمُونِ بِدَيْنِهِ مِنْ هَذَا النِّصْفِ وَعَلَى الْمَوْلَى الَّذِي عَلَى حِصَّةِ الْمَضْمُونِ بِدَيْنِهِ مِنْ هَذَا النِّصْفِ، وَقَدْ سَقَطَتْ حِصَّةُ الْمَضْمُونِ بِدَيْنِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَجَبَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ جِنَايَةِ الرَّهْنِ عَلَى غَيْرِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ]

(بَابُ جِنَايَةِ الرَّهْنِ عَلَى غَيْرِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ) (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِأَلْفٍ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَقَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، فَإِنْ شَاءَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ دَفَعَاهُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَإِنْ شَاءَا فَدَيَاهُ بِالدِّيَةِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ، وَكَانَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ.

وَقَدْ بَيَّنَّا: أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالدَّفْعِ هُوَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ فِي الدَّفْعِ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهَا مَنْ هُوَ مَالِكٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الدَّفْعَ هُنَا بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ فَرُبَّمَا يَكُونُ الْفِدَاءُ أَنْفَعَ لِلْمُرْتَهِنِ.

وَقَدْ بَيَّنَّا: أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي جِنَايَةِ الرَّهْنِ مَرْعِيٌّ؛ فَلِهَذَا قَالَ: يُخَاطَبَانِ بِالدَّفْعِ، وَإِذَا دَفَعَاهُ، وَقَدْ تَلِفَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فِيهِ بِسَبَبٍ كَانَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ؛ فَلِهَذَا سَقَطَ دَيْنُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ يُقَدَّمُ الْفِكَاكُ عَلَى الْبَيْعِ، فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْبَائِعَ افْتَكَّهُ ثُمَّ بَاعَهُ؛ فَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ وَهُنَا لَا يُقَدَّمُ الْفِكَاكُ عَلَى الدَّفْعِ بَلْ يُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ مَرْهُونٌ لِأَنَّهُ جَنَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ دَفْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُ فِيهَا؛ فَلِهَذَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ يُوَضِّحُهُ: أَنَّ بِالْبَيْعِ يَفُوتُ الْمِلْكُ إلَى بَدَلٍ، وَهُوَ الثُّمُنُ، فَيَبْقَى حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِبَقَاءِ بَدَلٍ صَالِحٍ لِلْإِشْغَالِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَفِي الدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ.

وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَيَاهُ بِالدِّيَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ مَضْمُونٌ، وَنِصْفَهُ أَمَانَةٌ وَالْفِدَاءُ فِي الْمَضْمُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ، وَقَدْ أَشْرَفَتْ مَالِيَّتُهُ عَلَى الْهَلَاكِ وَبِالْفِدَاءِ يَحْيَا، وَفِيهِ إبْقَاءُ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ الْفِدَاءُ فِي الْمَضْمُونِ عَلَيْهِ؛ لِهَذَا وَفِي النِّصْفِ الَّذِي هُوَ أَمَانَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَنْزِلَةِ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ، وَثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ، فَإِنْ فَدَيَاهُ فَقَدْ فَرَغَ مِنْ الْجِنَايَةِ فَيَكُونُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَدْفَعُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَفْدِي فَلَيْسَ يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: ادْفَعْ فَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ غَيْرَهُ وَإِنْ قَالَ: الرَّاهِنُ ادْفَعْ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمْلِيكِهِ بِبَدَلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَهُوَ الْبَيْعُ فَلَأَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْ تَمَلُّكِهِ لَا بِبَدَلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>