للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى فِيهِ مُنَازَعَةٌ فِي التَّسْلِيمِ قَالَ: (فِي الْكِتَابِ وَهَذَا قَبْلَ انْقِطَاعِهِ وَهَذَا فِي عُرْفِ دِيَارِهِمْ) لِأَنَّ اللَّبَنَ يَنْقَطِعُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَأَمَّا فِي دِيَارِنَا لَا يَنْقَطِعُ وَإِنْ كَانَتْ تُزَادُ قِيمَتُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَلَكِنْ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ انْقِطَاعًا فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي اللَّبِنِ وَالْآجُرِّ إذَا شَرَطَ فِيهِ شَيْئًا مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ فَإِنَّ آحَادَهُ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْمَالِيَّةِ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مَعْلُومًا بِذِكْرِ الْمَلْبَنِ فَمَلْبَنُ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ

قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي التِّبْنِ كَيْلًا مَعْلُومًا وَكِيمَانًا مَعْلُومَةً) لِأَنَّهُ مَكِيلٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ وَكَيْلُهُ الْغِرَارَةُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.

[السَّلَمُ فِي رُءُوسِ الْغَنَمِ وَالْأَكَارِعِ]

قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي رُءُوسِ الْغَنَمِ وَالْأَكَارِعِ) لِأَنَّهَا عَدَدِيَّةٌ مُتَفَاوِتَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنَازِعُ الْبَائِعَ فَيَقُولُ أُرِيدُ هَذَا وَلَا أُرِيدُ هَذَا وَالْمَقْصُودُ مَا عَلَيْهَا مِنْ اللَّحْمِ وَهِيَ تَخْتَلِفُ ثُمَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ غَيْرُ مُشْكِلٍ لِأَنَّهَا أَبْعَاضُ الْحَيَوَانِ كَاللَّحْمِ وَهُمَا يَقُولَانِ اللَّحْمُ مَوْزُونٌ أَمَّا الرُّءُوسُ وَالْأَكَارِعُ فَغَيْرُ مَوْزُونَةٍ عَادَةً وَبِذِكْرِ الْوَزْنِ لَا يَصِيرُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مَعْلُومًا فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا

قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ إذَا شُرِطَ بِمِكْيَالٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ أَوْ بِإِنَاءٍ بِعَيْنِهِ غَيْرِ مَعْرُوفٍ أَوْ بِوَزْنِ حَجَرٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ) لِأَنَّ مِقْدَارَ السَّلَمِ فِيهِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَبِمَا ذُكِرَ لَا يَصِيرُ مِقْدَارُهُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْرُوفِ وَالْمِيزَانِ الْمَعْرُوفِ مَعْلُومًا فَكَانَ هَذَا سَلَمًا فِي الْمَجْهُولِ وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ شَرْطٌ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِبْقَاءُ مَا عَيْنُهُ مِنْ الْمِكْيَالِ إلَى وَقْتِ حُلُولِ الْأَجَلِ وَبَقَاؤُهُ مَوْهُومٌ فَرُبَّمَا يَهْلَكُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَى بِذَلِكَ الْإِنَاءِ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ فِي الْعَيْنِ يَجُوزُ الْبَيْعُ مُجَازَفَةً فَمِكْيَالٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ أَوْلَى وَهَذَا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ لِلْحَالِ ثَابِتَةٌ وَهَذَا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَقِيبَ الْعَقْدِ لَا بِقِيَامِ الْمِكْيَالِ الَّذِي عَيَّنَهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُجَازَفَةً أَوْ يُذْكَرَ الْقَدْرُ فَفِي الْمُجَازَفَةِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَا يُشَارُ إلَيْهِ وَعِنْدَ ذِكْرِ الْقَدْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَا سَمَّى مِنْ الْقَدْرِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هُنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُجَازَفَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْكَيْلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمِكْيَالُ مَعْلُومًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: فِي بَيْعِ الْعَيْنِ إنْ عَيَّنَ مِكْيَالًا لَا يَنْكَبِسُ فِيهِ كَالزِّنْبِيلِ وَنَحْوِهِ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ فِيهِ فَإِنَّهُ تَتَمَكَّنُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْكَيْلِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقَصْعَةِ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ.

[السَّلَمُ فِي الْعَصِيرِ]

قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>