للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ لِانْتِقَالِ الْعَادَةِ إلَى مَوْضِعِ الرُّؤْيَةِ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَيَّامَهَا مَرَّتَيْنِ.

(قَالَ): فِي الْكِتَابِ وَمَا بَعْدَهَا طُهْرٌ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ ثُمَّ تَكُونُ حَائِضًا وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَلَطٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ بَعْدَ مَا تَتْرُكُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ تُصَلِّي ثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ عَادَتَهَا فِي الطُّهْرِ قَدْ انْتَقَلَتْ إلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِرُؤْيَتِهِ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ فَفِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ طَهُرَتْ خَمْسَتُهَا بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ خَمْسَةً ثُمَّ طَهُرَتْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ، وَذَلِكَ عِشْرُونَ يَوْمًا وَطَهُرَتْ خَمْسَتَهَا وَخَمْسَةً بَعْدَ خَمْسَتِهَا فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَعَلِمْنَا أَنَّهَا طَهُرَتْ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ ثَلَاثِينَ فَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ إلَى هَذَا فَعَلَيْهِ تَبْنِي فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ.

(قَالَ) الْحَاكِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ جَوَابِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا لَمَّا طَهُرَتْ أَيَّامَهَا الْمَعْرُوفَةَ مَرَّتَيْنِ كَانَ حَيْضُهَا مُنْتَقِلًا إلَى حَيْثُ تَرَى الدَّمَ فَلَمَّا رَأَتْهُ فِي الْخَمْسَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الشَّهْرِ صَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَقْتَهَا وَكَانَ حُكْمُهَا كَالَّتِي تُدْرَكُ فَحَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الْإِدْرَاكِ أَوْ كَاَلَّتِي انْتَقَلَتْ عَادَتُهَا بِالْحَبَلِ عَنْ مَوْضِعِ عَادَتِهَا فَإِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ مِنْ الشَّهْرِ الْآخَرِ فَقَدْ انْتَهَتْ إلَى مَعْرُوفِهَا، وَهِيَ تَرَى الدَّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ حَيْضًا وَلَمْ يَحْصُلْ بَيْنَ هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ الْأُولَى مِنْ حِسَابِ الطُّهْرِ إلَّا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا فَلِذَلِكَ أَجَابَ بِمَا أَجَابَ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ لَيْسَ لَهَا فِي الطُّهْرِ عَادَةٌ تَبْنِي عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ، وَلِهَذِهِ فِي الطُّهْرِ عَادَةٌ مُتَأَكَّدَةٌ بِالتَّكْرَارِ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَلَا يَجُوزُ النُّقْصَانُ عَنْهُ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: مُرَادُهُ مِمَّا قَالَ وَمَا بَعْدَهَا طُهْرٌ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ مَا مَضَى عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنْ تَرَكَتْ خَمْسَةً بَقِيَ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَتُصَلِّي فِيهَا ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ فَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَمَا بَعْدَهَا طُهْرٌ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَإِنَّمَا الدَّمُ جُعِلَ أَوَّلَ الشَّهْرِ فِي حَقِّهَا مِنْ وَقْتِ الِاسْتِمْرَارِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ غَلَطٌ لِمَا بَيَّنَّا

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أُصُولِ مَسَائِلِ انْتِقَالِ الْعَدَدِ]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ أُصُولِ مَسَائِلِ انْتِقَالِ الْعَدَدِ) اعْلَمْ بِأَنَّ الْعَادَةَ نَوْعَانِ: أَصْلِيَّةٌ وَجَعْلِيَّةٌ فَصُورَةُ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَنْ تَرَى الْمَرْأَةُ دَمَيْنِ وَطُهْرَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>