بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى الْعَقْدَ وَأَدَّى الْكُرَّ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالثُّلُثِ بِالْمَالِ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ فَلَا يَسْلَمُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجَلِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي الْكُرَّ كُلَّهُ وَيَرُدُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ الْمُحَابَاةِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ حَظِّ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ، وَعَقْدُ السَّلَمِ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَوْا الدَّيْنَ بَعْدَ مَا اخْتَصَمُوا وَقَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمْ بِهَذَا وَفُسِخَ السَّلَمُ لَمْ يُرَدَّ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ، فَإِنْ بَدَا الْوَارِثُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ يُفْسَخُ السَّلَمُ إنْ اخْتَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَلِكَ، وَفَسْخُ السَّلَمِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ؛ فَلِهَذَا لَا يُعَادُ بِخُرُوجِ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ رَدَّ عَشَرَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ وَيُنْتَقَضُ الْقَبْضُ فِيهِ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ اقْتَضَوْا الدَّيْنَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا أَسْلَمَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ وَجَازَتْ لَهُ الْمُحَابَاةُ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالْمَالِ، وَالْأَجَلِ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ حِينَ وَصَلَ إلَى يَدِ الْوَارِثِ ضِعْفُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ
وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي مَرَضِهِ فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةً وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دَيْنٌ فَاقْتَضَى الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا فَالسَّلَمُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ الْكُرَّ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ عِشْرُونَ، وَهِيَ ثُلُثَا مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ الْعَيْنِ فَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا: عَشَرَةٌ قِيمَةُ الْكُرِّ الَّذِي أَدَّى وَعَشَرَةٌ مُحَابَاةٌ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَالْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ وَرَدَّ الدَّرَاهِمَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ حَالًّا وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثًا؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ، وَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَرَدَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ، وَإِذَا اخْتَارَ النَّقْضَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمُحَابَاةِ فَيَرُدُّ جَمِيعَ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالثَّوَابِ.
[بَابُ بَيْعِ الْمَكِيلِ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَكِيلِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ كُرَّ تَمْرٍ فَأَدَّى قِيمَتَهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا بِكُرِّ دَقَلٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute