مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ سَهْمًا.
وَلَوْ أَسْلَمَ ثَوْبَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ وَقِيمَةُ الْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي كُرٍّ يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا أَدَّى الْكُرَّ كُلَّهُ وَرَدَّ ثُلُثَ الثَّوْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الثَّوْبَيْنِ جَمِيعًا وَيَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الثَّوْبَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الثَّوْبَيْنِ وَإِلَى قِيمَةِ السَّلَمِ فَيُعْطِي الْمُسْلَمَ إلَيْهِ قِيمَةَ السَّلَمِ وَثُلُثَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مُحَابَاةً لَهُ وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّلَمِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الصَّرْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا فِي الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ، فَإِنَّهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَفِي الْأَصْلِ اسْتَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَالْكُلُّ يُخَرَّجُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَرَضِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً، ثُمَّ أَقَالَهُ السَّلَمَ وَقَبَضَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مَا حَابَاهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ أَعَادَ الْكُرَّ بِالْإِقَالَةِ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي بِمُقَابِلَتِهِ وَهُمَا فِي الْمَالِيَّةِ سَوَاءٌ، وَالْإِقَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي لَا مُحَابَاةَ فِيهِ نَافِذٌ مِنْ الْمَرِيضِ فَكَذَلِكَ الْإِقَالَةُ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكُرِّ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَكُونُ ثُلُثُهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ جَازَتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ نِصْفَ الْكُرِّ وَرُدَّ عَلَيْهِمْ نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ أَخْرَجَ بِالْإِقَالَةِ مِنْ مِلْكِهِ جُزْءًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَالْإِقَالَةُ فِي هَذَا كَالْبَيْعِ فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْمُحَابَاةِ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَدَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الشَّيْءُ مِنْ الْمَحَلِّ الْوَارِدِ عَلَيْهِ لَا مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ، وَلَا يُمْكِنُ إبْطَالٌ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهَا نَفَذَتْ مِنْ الْمَرِيضِ فِي مِقْدَارِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِقَالَةُ السَّلَمِ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّ بِالْإِقَالَةِ يَسْقُطُ طَعَامُ السَّلَمِ، وَالْمُسْقَطُ يَكُونُ مُتَلَاشِيًا. وَفَسْخُ الْإِقَالَةِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْمُتَلَاشِي فَعَرَفْنَا أَنَّ الْإِقَالَةَ جَازَتْ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ فَاحْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ فَنَقُولُ: الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ، وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ ثُلُثُ مَالِهِ نِصْفَ الْمُحَابَاةِ قُلْنَا: تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ وَيَسْلَمُ لِلْوَارِثِ نِصْفُ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ، وَهُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute