للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ.

وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِسَهْمٍ فِي دَارِهِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ السُّدُسُ. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوَصَايَا، وَهُوَ مَا إذَا أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْصَرِفُ السَّهْمُ إلَى السُّدُسِ أَخْذًا بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إنَّ السَّهْمَ هُوَ السُّدُسُ وَعِنْدَهُمَا السَّهْمُ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فَإِنَّ سَهْمًا مِنْ سَهْمَيْنِ يَكُونُ النِّصْفَ وَمِنْ عَشَرَةٍ يَكُونُ الْعُشْرَ فَهُوَ وَالْجُزْءُ وَالنَّصِيبُ سَوَاءٌ.

وَإِذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِنَقْضِ الْحَائِطِ فَلَهُ الْبِنَاءُ دُونَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ اسْمٌ لِمَا يُبْنَى بِهِ الْحَائِطُ مِنْ لَبِنٍ وَآجُرٍّ وَخَشَبٍ فَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَوْضِعِهِ مِنْ الْأَرْضِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعِ هَذِهِ النَّخْلَةِ فَلَهُ الْجِذْعُ دُونَ الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ إضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى حَالِ الصِّغَرِ وَمَا أَشْبَهَهَا]

(بَابُ إضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى حَالِ الصِّغَرِ وَمَا أَشْبَهَهَا) (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ، وَهُوَ صَبِيٌّ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ: بَلْ أَقْرَرْتَ بِهَا لِي بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِقْرَارَ إلَى حَالٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي الْوُجُوبَ بِهِ فَإِنَّ قَوْلَ الصَّبِيِّ هَدَرٌ فِي الْإِقْرَارِ وَالصِّبَا حَالٌ مَعْهُودَةٌ فِي كُلِّ أَحَدٍ فَكَانَ هُوَ فِي الْمَعْنَى مُنْكِرًا لِلْمَالِ لَا مُقِرًّا بِهِ. فَإِنْ قِيلَ هُوَ قَدْ ادَّعَى تَارِيخًا سَابِقًا فِي إقْرَارِهِ وَالْمُقَرُّ لَهُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ التَّارِيخِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ قُلْنَا: الْمَصِيرُ إلَى هَذَا التَّرْجِيحِ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّبَبِ مُلْزِمًا، وَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي حَالِ الصِّبَا غَيْرَ مُلْزِمٍ أَصْلًا فَلَمْ يَكُنْ هُوَ مُدَّعِيًا لِلتَّارِيخِ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ بَلْ يَكُونُ مُنْكِرًا لِأَصْلِ الْمَالِ عَلَيْهِ كَمَنْ يَقُولُ لِعَبْدِهِ أَعْتَقْتُكَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ أَوْ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ فَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَقْرَرْتُ لَهُ بِهَا فِي حَالِ نَوْمِي لِأَنَّ النَّوْمَ حَالٌ مَعْهُودَةٌ تُنَافِي وُجُوبَ الْمَالِ بِالْإِقْرَارِ فِيهَا فَإِنَّ أَصْلَ الْقَصْدِ يَنْعَدِمُ مِنْ النَّائِمِ وَالْقَصْدُ الْمُعْتَبَرُ يَنْعَدِمُ مِنْ الصَّبِيِّ، فَإِذَا كَانَ إضَافَةُ الْإِقْرَارِ إلَى حَالِ الصِّبَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَإِضَافَتُهُ إلَى حَالِ النَّوْمِ يَكُونُ إنْكَارًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَقْرَرْتُ بِهَا قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ مُنْكِرًا لَا مُقِرًّا وَمِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ إنَّمَا يُذْكَرُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِنْكَارِ عَادَةً.

وَلَوْ قَالَ أَقْرَرْتُ لَهُ وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ أَوْ لَمَمٍ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِقْرَارَ إلَى حَالٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ كَانَ ضَامِنًا لِلْمَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْإِقْرَارَ إلَى حَالٍ مَعْهُودَةٍ فِيهِ فَكَانَ هُوَ فِي الْإِضَافَةِ إلَى الْحَالِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَعْهُودَةٍ مُدَّعِيًا لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>