كَانَا تَوْأَمًا وَسَقَطَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ لِانْعِدَامِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ هُنَا قَطَعَ النَّسَبَ فَلَا كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّسَبَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْقَطْعَ فَتَبَيَّنَ بِقَضَائِهِ أَنَّ النَّسَبَ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا مِنْ الْمُلَاعِنِ لَا أَنْ يُقَالَ كَانَ ثَابِتًا فَقُطِعَ وَقَوْلُهُ بِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي نَفْيِ النِّسْبَةِ عَنْ الْأَبِ قُلْنَا يُؤَثِّرُ فِي هَذَا، وَفِيمَا هُوَ مِنْ ضَرُورَتِهِ وَهُوَ نَفْيُ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ لِأَبٍ لَا تُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْأَبِ كَمَا أَنَّ الْأُخُوَّةَ لِأُمٍّ لَا تُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْأُمِّ وَقَوْلُهُ أَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى الْأُخُوَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ قُلْنَا نَعَمْ، وَلَكِنَّهُمَا صَارَا مُكَذِّبَيْنِ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَالْمُقِرُّ بِالشَّيْءِ إذَا صَارَ مُكَذِّبًا فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي سَقَطَ اعْتِبَارُ إقْرَارِهِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ إذَا مَاتَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ وَخَلَفَ ابْنَةً وَأُمًّا فَلِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي رَدٌّ عَلَيْهِمَا أَرْبَاعًا عِنْدَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مَذْهَبُنَا، وَعِنْدَ زَيْدٍ الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ، وَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ الْبَاقِي لِلْأُمِّ بِالْعُصُوبَةِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ الْبَاقِي لِأَقْرَبِ عَصَبَتِهِ لِأُمِّهِ.
وَلَوْ خَلَفَ ابْنَةً وَأُمًّا وَأَخًا تَوْأَمًا فَعِنْدَنَا هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِأَنَّ التَّوْأَمَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ فَلَا يَرِثُ مَعَ الِابْنَةِ شَيْئًا.
وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْبَاقِي لِلتَّوْأَمِ بِالْعُصُوبَةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَعَلَى قَوْلِ إبْرَاهِيمَ الْبَاقِي لِأَخِيهِ تَوْأَمًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ تَوْأَمٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ لِأُمِّهِ فَإِنَّهُ ابْنُهَا وَأَقْرَبُ عَصَبَةِ الْأُمِّ عِنْدَهُ يَكُونُ عُصْبَةً لِوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ، وَلَوْ مَاتَ ابْنُ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ وَخَلَفَ ابْنَةً وَأُمًّا وَعَمًّا فَعِنْدَنَا هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ الْبَاقِي يَكُونُ رَدًّا عَلَى الْأُمِّ وَالِابْنَةِ أَرْبَاعًا لِأَنَّ عَمَّهُ يَكُونُ عَمًّا لِأُمٍّ وَالْعَمُّ لِأُمٍّ لَا يَكُونُ عَصَبَةً وَعَلَى قَوْلِ إبْرَاهِيمَ الْبَاقِي يَكُونُ لِلْعَمِّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ لِلْأُمِّ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إنْ كَانَ الْعَمُّ تَوْأَمًا مَعَ ابْنَةٍ فَالْبَاقِي لَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّحْوِ فَهَذَا طَرِيقُ تَخْرِيجِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. .
[بَابُ أُصُولِ الْمُقَاسَمَةِ]
اعْلَمْ بِأَنَّ الْفَرَائِضَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ سِتَّةٌ الثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ وَالنِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالثُّمُنُ فَبَعْضُ الْفَرْضِيِّينَ جَعَلُوا ذَلِكَ جِنْسَيْنِ الثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُ وَهُوَ الثُّلُثُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَهُوَ السُّدُسُ وَالنِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ الرُّبُعُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَهُوَ الثُّمُنُ وَبَعْضُهُمْ جَعَلُوا الْكُلَّ جِنْسًا وَاحِدًا وَقَالُوا نِسْبَة الثُّمُنِ مِنْ السُّدُسِ كَنِسْبَةِ الرُّبُعِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الثُّمُنَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ السُّدُسِ وَالرُّبُعَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ وَالنِّصْفَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثَيْنِ فَكَانَ الْكُلُّ جِنْسًا وَاحِدًا بِهَذَا الطَّرِيقِ وَمَنْ جَعَلَهَا جِنْسَيْنِ قَالَ الثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ لَا يَكُونُ فَرِيضَةً إلَّا فِي فَرِيضَةِ الْأَقَارِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute