للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهُمَا بِمَا بَقِيَ وَهُوَ سَبْعَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَذَلِكَ خُمُسَاهُ وَثُلُثُ خُمُسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ قَبْضِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ]

قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ حَتَّى يُعْطِيَ الثَّمَنَ عِنْدَنَا وَهُوَ أَحَدُ أَقَاوِيلِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي قَوْلٍ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ بِالْعَقْدِ فِي الْعَيْنِ وَمِلْكُ الْبَائِعِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَالْمِلْكُ فِي الْعَيْنِ أَقْوَى وَوُجُوبُ التَّسْلِيمِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَفِي قَوْلٍ آخَرَ يُسَلِّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدٍ وَيَقْبِضُ بِيَدٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِمُعَاوَضَةِ التَّسْوِيَةِ فَكَمَا اقْتَرَنَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِأَحَدِهِمَا بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْآخَرِ فَكَذَلِكَ الْقَبْضُ كَمَا فِي بَيْعِ الْمُقَابَضَةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ الْمُعَاوَضَةُ التَّسْوِيَةُ وَقَدْ عَيَّنَ الْبَائِعُ حَقَّ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُعَيِّنَ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلِهَذَا كَانَ أَوَّلُ التَّسْلِيمَيْنِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُقَابَضَةِ فَهُنَاكَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَيِّنٌ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي أَقْوَى فَإِنَّا إنَّمَا نُوجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ أَوَّلًا لِهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا يَقْوَى مِلْكُهُ فِي الْمَبِيعِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَوِّيَ جَانِبَ الْبَائِعِ فِي مِلْكِ الثَّمَنِ بِجَانِبِ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، وَكَذَلِكَ نَقْدُهُ الثَّمَنَ إلَّا دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ سُقُوطَ حَقِّ الْبَائِعِ فِي الْجِنْسِ مُتَعَلِّقٌ بِوُصُولِ الثَّمَنِ إلَيْهِ فَمَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ لَا يَتِمُّ الشَّرْطُ وَيَبْقَى حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْحَبْسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا يَحْبِسُ الْمَبِيعَ بِمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَأَمَّا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَلَا يَثْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا بِهَذَا الْحَقِّ مَا كَانَ لَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْيَدِ قَبْلَ الْبَيْعِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءٌ بِحُلُولِ الْأَجَلُ.

وَذَكَرَ هَاشِمٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ إذَا أَجَّلَهُ فِي الثَّمَنِ شَهْرًا ثُمَّ لَمْ يُسَلِّمْ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى مَضَى شَهْرٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْأَجَلُ شَهْرًا بِعَيْنِهِ فَيُمْضِيهِ بِحِلِّ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ شَهْرًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّهْرِ فِي الْأَجَلِ يَنْصَرِفُ إلَى الشَّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>