للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي يَعْقُبُ عَيَّنَاهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنَاهُ كَمَا فِي الْإِجَارَاتِ وَالْأَيْمَانِ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ بِنَاءً عَلَى مَقْصُودِهِمَا فَالْمَقْصُودُ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فِي الشَّهْرِ وَيُؤَدِّيَ الثَّمَنَ عِنْدَ مُضِيِّهِ وَيَسْتَفْصِلَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ إلَيْهِ فَلِهَذَا قَالَ فِي الشَّهْرِ الْمُطْلَقِ يَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينَ يُسَلِّمُ إلَيْهِ الْمَبِيعَ.

فَإِنْ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَهُوَ حَالٌّ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ حَتَّى وَجَدَ الْبَائِعُ الدَّرَاهِمَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سُتُّوقًا أَوْ رَصَاصًا أَوَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ قَبْضِ الْعَبْدِ حَتَّى يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ مِثْلَ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ يَنْقُضُ الْقَبْضَ مِنْ الْأَصْلِ فَيَلْتَحِقُ بِمَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دِرْهَمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ انْتَقَضَ فِي ذَلِكَ الْمَرْدُودِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ الْقَدْرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْعَبْدَ مِنْ الْبَائِعِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَجَدَ الثَّمَنَ أَوْ بَعْضَهُ عَلَى مَا وَصَفْنَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي وُجِدَ سُتُّوقًا أَوْ رَصَاصًا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي مَكَانَ الَّذِي وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ جِيَادًا عَلَى مَا شَرَطَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ حَتَّى لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ لَمْ يَجُزْ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَلِّمْ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ ثَمَنٌ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَنًا لَمْ يَكُنْ هُوَ رَاضِيًا بِالتَّسْلِيمِ فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِي قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَقْبُوضُ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَلَكِنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْمَقْبُوضَ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ كَانَ هُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي الْحَبْسِ وَإِنْ كَانَ وَجَدَ الثَّمَنَ أَوْ بَعْضَهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً اسْتَبْدَلَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ بِمُطْلَقِ التَّسْمِيَةِ الدَّرَاهِمُ الْجِيَادُ فَإِنَّ الْمُعَامَلَاتِ عُرْفًا بَيْنَ النَّاسِ بِالْجِيَادِ وَبِمُطْلَقِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ تَسْتَحِقُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ عَنْ الْعَيْبِ.

وَالزِّيَافَةُ عَيْبٌ فِي الدَّرَاهِمِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الزُّيُوفَ بِالْجِيَادِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَبْدَ فَيَحْبِسَهُ بِالثَّمَنِ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الثَّمَنِ حَقُّهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْجِيَادِ وَالْمَقْبُوضِ زُيُوفٌ وَالثَّمَنُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْصَافِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَقْبُوضُ حَقَّهُ لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِالتَّسْلِيمِ فَهُوَ وَالسَّتُّوقُ سَوَاءٌ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الزِّيَافَةِ يَنْقُضُ الْقَبْضَ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا يَنْفَرِدُ بِهِ الرَّادُّ وَيَرْجِعُ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ لَا بِمُوجِبِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ مَرَّتَيْنِ فَلَا يَتَمَكَّنَّ مِنْ الرُّجُوعِ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يَنْتَقِضْ الْقَبْضُ مِنْ الْأَصْلِ وَإِذَا انْتَقَضَ عَادَ حَقُّهُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا كَانَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّهُ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَصَحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>